في غير حالات التلبس (2) | الرد على الخادعين والمخدوعين
ما إن كتبت مقالي السابق ( مسخرة من ثلاثة مشاهد ) ، وذلك عن عبارة في غير حالات التلبس التي نزل فيها نقيب المحامين صاغرا على حكم ورأي رئيس نادي القضاة ، حتى نالني قدر غير يسير من السباب والتطاول من الشتامين والطبالين والمنتفغين الملتفين حول النقيب ، وهو أمر توقعته تماما في نهاية مقالي السابق حين قلت لهم بالنص أنني ” لا أوجه حديثي الى نقيب المحامين فقد فات أوان الحديث معه ومضى ، ولا أوجه حديثي لشلته ومهلليه وأنصاره ومنتفعيه الذين سيقابلون هذا الرأي بالبذاءات والإساءات المعتادة وإنما أوجه حديثي الى جموع المحامين الحقيقيين الذين لا هم لهم سوى هذه الرسالة النبيلة التي يؤمنون بها ويحملون مشعلها ويكتوون بنارها في كل نهار وساعة “
ورأيت فيما سبوا وشتموا ولعنوا ما لا يستحق عناء الرد اكتفاء بفطنة المحامي المشتغل المهني الحصيف الذي يستطيغ بفطرته أن يميز بين من يكتب الحق ومن يقرع الطبل .
غير أن عزوفي عن الرد على هؤلاء السبابين لا يمنعني من الرد على الأخ والصديق الأستاذ مجدي عبدالحليم فيما كتبه في مقاله ( الرد على المشككين في حالات التلبس ) لما تماسح فيه من موضوعية وما حاول أن يدخلنا فيه من متاهات قانونية أراها تستحق ردا نكشف فيه بعضا من شراك الخادعين للمخدوعين .
والخص ردي على ما كتب في النقاط المحددة الآتية :
أولا : أنني حقا وصدقا ـ ولعله لسطحية الفهم عندي !!! ـ لم أفهم شيئا من هذه المراوغة وتلك المتاهة التي تضعنا فيها حتى تسقينا بملعقة النص المثير للدجل ( وليس المثير للجدل ) الذي يفتح على المحامين أبواب جهنم بأن تحاول أن تقنعنا بأن العام المبهم بشأن الضمانات الذي أحال الى القانون في الفقرة الثانية من النص ، يقيد الخاص الصريح الواضح القاطع بشأن جواز القبض وما يترتب عليه من جواز التفتيش الذي ورد في الفقرة الثالثة ، وهذا الذي تقول فضلا عما فيه من خلط ومراوغة فهو قلب للقواعد القانونية والفقهية ولمبادئ التفسير لا يستقيم ولا يصح أن يقال من رجل ذو فهم عميق مثلك بل عليك أن تتركه لأصحاب الفهم السطحي من أمثالي .
ثانيا : وصفك لنص بمثل هذه الركاكة البالغة والفجاجة بأنه عبقرية ما أراه الا قرعة عالية على الطبلة إذ أنك تصور عبقرية النقيب في أنه خدع القضاة وضحك عليهم ، فهل القضاة سذج الى هذه الدرجة وسطحيون مثلي الى هذه الدرجة ، فلُب الخلاف الأخير حول هذا النص هو الفقرة الأخيرة من النص والتي ثارت بسببها ثورة القضاة بعد حذف عبارة في غير حالات التلبس لأنها ستمنعهم من حبس المحامين في جرائم الجلسات والتحقيق وهو ما قالوه تصريحا لا تلميحا في بيانهم وأحاديثهم على شاشات الفضائيات ، فهل ترى في انحناء نقيب المحامين أمام ضغوط رئيس نادي القضاة الذي صرح حال حذف عبارة في غير حالات التلبس بأن : ( كده المحامي يعمل ما بدا له في جلسة ولا تحقيق ولا حد يقدر يعمل حاجة ) ولم يهدأ الزند الا بعد أن نفذ له صديقه عاشور ما اراد واعاد له عبارة في غير حالات التلبس بعد حذفها .
ثم يا صديقي أي عبقرية في اللف والدوران والمراوغة ازاء نصوص دستورية ينبغي الا تحتمل تأويلا وهل هكذا تصاغ الدساتير ، على نحو ما علق عليك أحد الزملاء فيما كتبت ولماذا لم يأت النص صريحا قاطعا في مسألة القبض تحديدا تحت ستار ادعاء حالة التلبس .
ثالثا : تفسيرك السقيم للنص ( وسقيم على فكره زي سطحي ) يجعل من نص الفقرة الأخيرة مجرد لغو لأنه يفترض منطقا غريبا مؤداه جواز القبض على محام اذا ادُعيَّ تلبسه باهانة موظف عام في مصلحة بينما لا يجوز القبض عليه اذا ادُعيَّ تلبسه باهانة محكمة او نيابة او ضابط شرطة فهل بعد هذا الضلال ضلال
رابعا : أنت لم ترد علي فيما كتبته من هدوء ثورة نادي القضاة بعد عودة عبارة في حالة التلبس ولم ترد علي فيما عقدته من مقارنة مع نص الصحفيين الذي يمنع توقيع عقوبة سالبة للحرية عليهم بما يقتضي منع القبض عليهم في قضايا النشر المتعلقة بمهنتهم فهل ترى الرد كافيا بمجرد وصفك المبالغ فيه للنص الذي وضعه سامح عاشور بأنه ( عبقري ) .
خامساً : اذا كنت ترى يا صديقي فيما اكتب (تشنجا وعصبية ) كما علقت علي في مواضع شتى فأنا أراه إيمانا برسالة المحاماة ومحبة في الحق وللحق ، وصوت الحق عندي يعلو على قرع الطبلة أيا ما كانت الراحة والدعة في قرع الطبلة ولعل صوت قرع الطبول عاليا هذه الأيام في موقع كنت ولا زلت أراه عزيزا علي .
سادساً : الحمدلله فأنا لا أخاصم أحد ولا أكره أحد فليست لي خصومة ولا كراهية مع الاستاذ سامح عاشور وانما خلافي معه الآن ومن قبل ، ومع الاستاذ حمدي خليفة من قبله ، ومع أعضاء المجلس من جماعة الإخوان المسلمين من قبلهما وبعدهما ، انما هي دفاع عن رسالتي ومهنتي التي يتشاركون معا جميعا في حمل اثم ما لحق بها من هوان ، وأنت تعلم دائما أنني أومن إيمانا حقيقيا صادقا بأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود أي قضية وخلافي معك لا ينقص مثقال ذرة من مودتي ومحبتي وتقديري لصديق أعتز به حتى وان كتب لي يوما في تعليق له على ما أكتب ( عيب ) ، لأنه في هذه معه كل الحق … ( عيب جدا )
سابعاً وأخيراً : سبق وأن ذكرت في تعليق على مقال آخر أنك دعوتني للمناظرة ، وذكرت نصف الحقيقة فكان لزاما علي أن أذكر الحقيقة كاملة ، ذلك أنك ذكرت أنك دعوتني لمناظرة مسجلة غير أنك لم تذكر أنني أبديت ترحيبي الشديد بمناظرتك بل وبمناظرة الاستاذ سامح عاشور نفسه سواء في مناظرة مسجلة أو في مناظرة علنية أمام جموع المحامين ليعرف المحامين حقا من هو مدفاع عن رسالته ومن هو يخدع الناس بالباطل وها أنا أجدد الدعوة لمناظرتك أو مناظرة النقيب سامح عاشور تسجيلا او علنا في أي زمان ومكان .
طالع المقال الأول في الموضوع على الرابط