أحمد سمير يكتب | عزيزي عضو الإخوان.. انتحر وحدك.. نؤمن أن الانتحار حرام شرعا (الموسم الثانى)
أحمد سمير يكتب | عزيزي عضو الإخوان.. انتحر وحدك.. نؤمن أن الانتحار حرام شرعا (الموسم الثانى)
(1)
يناير 1977..
ارتفاع أسعار.. تندلع مظاهرات شعبية ضخمة.. تقرر الشرطة مواجهتها.. خلال ساعات كانت الشرطة تجرى في الشوارع بينما أقسام الأزبكية والسيدة زينب والدرب الأحمر وإمبابة والساحل وكذلك مديرية أمن القاهرة تحولوا إلى أكوام من الرماد.
الشرطة اختارت أن تواجه مظاهرات عفوية بالقوة.. ودفعت الثمن.
(2)
2 مايو 2014..
مقتل صف ضابط وإصابة 3 مجندين في انفجار قنبلة أمام محكمة مصر الجديدة.
عبد الله محمد عبد الله قتل وهو يمارس عمله.. لم يقترب من مظاهرة ولم يعتد على أحد.. وفي الخلفية تقف سيدة عجوز تهتف للشرطة قائلة:
ــ يا ولادنا.. يحفظكم رب العالمين من الخونة ولادنا اللى حامينا.. حامينا من الخونة.
(3)
فبراير 1986..
تظاهر أكثر من 20 ألف جندي أمن مركزي في معسكر الجيزة احتجاجاً علي سوء أوضاعهم وتسرب شائعات عن مد سنوات الخدمة الإجبارية.
انحازت كتلة من الفواعلية وعمال التراحيل والطلاب والعاطلين عن العمل إلى جنود الأمن المركزي الذين بدا يتضح لهم أن إهدار أجمل سنوات عمرهم في حمل الهروات لقمع متظاهرين ليس له أدنى علاقة بخدمة مصر.
اقتحم الجنود سجن طرة وساعدوا السجناء علي الهرب وبحثوا عن الضباط ليثاروا من معاملتهم المهينة لهم.
الأحداث امتدت لمحافظات عدة.. وتزايد وعى الجنود بأن دورهم الوطنى ليس شراء الخضراوات للضابط من السوق. . انتهى الأمر بالإطاحة بوزير الداخلية نفسه.
(4)
2 مايو 2014..
شخص فجر نفسه في كمين بوادى الطور.. الانفجار أسفر عن مقتل المجند أحمد علي السيد عمر “22 سنة” وإصابة خمسة.
المجند قتل رغم أنه بالتاكيد لم يختر أن يكون في هذا المكان أصلا.. آلاف من زملائه الآن يرون أن الخطر لم يعد الاستعباد الممنهج ولا خدمة السلطة.. هم يرون مبرراتية الدم من الإخوة في الله يشمتون فيهم ويصدرون بغباء الآية الكريمة إن “فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين” لتبرير قتلهم.
(5)
يناير2011..
مظاهرة تخرج يوم عيد الشرطة احتجاجا على ممارسات الداخلية في العنف الممنهج ضد المواطنين.. الشرطة مارست دورها الذى لا تعرف غيره في خدمة السلطة وفضت اعتصامهم بالقوة.
جماهير حاشدة نزلت جمعة الغضب التي استشهد خلالها 800 مواطن في أنحاء متفرقة من الجمهورية أثناء مواجهات مع الشرطة.. فتم إحراق 96 قسم شرطة، بحسب إحصاء وزارة الداخلية.
أطيح بمبارك الذى صمد 30 عاما أمام مظاهرات الإسلاميين وعنف الجماعات الإسلامية..
الدرس المستفاد: ثورة الشعب أطاحت بالرئيس.. التنظيمات الدينية لم تفعل.. عنفها كان يمنحه مبرر لوجوده لسنوات لا أكثر.
تصاعدت الضغوط الشعبية عن هيكلة كاملة للشرطة ومناهجها الدراسية وإشراف قضائي وشعبي عليها ووزير داخلية مدنى حقوقى رغم إصرار المجلس العسكرى ومرسي على تغيير الوجوه واستبدالها بأخرى موالية لا أكثر.
(6)
مايو 2014..
“يا أستاذ إحنا بنموت كل يوم وأنت جاى تقول لنا اشتغلوا” هكذا يرد أمين الشرطة على زميل لنا نهره لتقصيره في عمله في الشارع.
هو لن يقوم بعمله لأنه يموت كل يوم.. لن يطارد الجنائيين لأنه يموت كل يوم.. هذا تبرير مريح.
الفترة الوحيدة التي لم تتعرض فيها الداخلية لأي انتفاضات شعبية كانت التسعينات.. حين تصدر الإخوة المجاهدون مشهد المعارضة.
منذ بدأ الحديث عن التصدى “للإرهاب المحتمل” وهناك رغبة للسلطة في إعادة إنتاج مشهد التسعينات.. الغباء في الاستدراج للمشهد مثير للتأمل.. والغباء في السعادة بالمشهد مثير للتأمل أكثر.
اليوم يتكرر مشهد تصدر الجهاديون.. تراجعت دعاوى إصلاح الداخلية رغم كل ما ترتكبه الآن.. ومن استبدلوا ثورة الجماهير بثورة تنظيم يصرف المتظاهرين في مواعيد محددة يتصورون أننا سنصمت أمام استبدال الجماهير بقنبلة أنصار بيت المقدس.
التسعينات علمتنا.. لاتفعلوا هذا أبدا.
عزيزي عضو جماعة الإخوان.. إخوانكم في الله في الجماعات الجهادية ممن كانوا يهددون معارضى مرسي قبل 30 يونيو من فوق منصة رابعة بــ “سنسحقكم” يقتلون الشرطة اليوم.
عزيزي عضو الإخوان.. نعلم أنكم تتبرأون الآن مما كان يقوله الإخوة المجاهدون فوق المنصة.. معلومة تهمك.. كانت منصتكم والناس صدقت وربطتكم بهم.
(7)
الإخوان يقتلون بعضهم في المظاهرات والشرطة تفجر أفرادها في الكمائن.
هذه هى الرواية التي يحاول الطرفان إقناعنا بها.. عفوا.. ببساطة لا نصدقكم.
(8)
“دافعنا عن القصر ضد البلطجية.. ووجدنا مخدرات وسلاح في الخيام” هكذا كتب الإخوان لنا في ذكرى الاتحادية وبداية الاقتتال الأهلي.
عزيزي عضو الإخوان.. تقول موقف الإخوان واضح من العنف.. نحن نعرف هذا منذ اتخذتم قراركم بوعى كامل يوم الاتحادية.
من يتبرأون من تصريحات عضو مكتب خيرت الشاطر لم يتبرأوا من الشاطر وهو يقود تنظيمهم يوم الاتحادية.. ومن كانوا يديرون غرف تعذيب لزملائنا أمام قصر رئيسهم يصرون أنهم لم يتورطوا يوما في عنف.
عزيزي عضو الإخوان.. أنت لم تعترف بجريمتك.. أنت لن تعترف بجريمتك.. حسنا.. انتحر وحدك.
الدم لا يوزن بالكيلو والجرائم لا تلغي بعضها بعضا.. أنتم جربتم في السلطة بالفعل.. أنتم اخترتم محمد إبراهيم ثم بررتتم مذبحته أمام سجن بورسعيد ثم مذبحته في جنازة بورسعيد.
(9)
بوضوح.. الانتماء للمؤسسة الأمنية ليس مبررا للقتل تماما كما أن الانتماء للإخوان ليست مبررا للقتل.
من يتقربون إلى الله بسباب مخالفيهم يريدون إقناعنا أن الشماتة في الموت هي أيضا تقرب إلى الله.
عزيزي عضو الإخوان.. لا نريد أن تخترق رصاصات الشرطة رأس أي برىء، وكذلك لا نريد أن تفعل رصاص إخوانكم في الله من الإخوة المجاهدين أيضا.
عزيزي عضو الإخوان.. اشمت اليوم في كل مجند وحدك كما كنت تشمت في كل من تقتله الشرطة في عهد مرسي وتصفه بالبلطجى وحدك.. انتحر وحدك.. فلن نفعل معك هذا.
هذا الفارق بين من يراعي حرمة الدماء ويهتم ببناء وطن وبين من لا ينتفض إلا لحرائره ولا يحزن سوى على أبناء تنظيمه.
مقالات أخرى للكاتب:
عزيزي عضو الإخوان.. انتحر وحدك.. نؤمن أن الانتحار حرام شرعا
مقال عن العنف الأهلي بعد فض اعتصام الاتحادية وإحراق مقرات الإخوان