أيمن الجندى يكتب | جميلة ولكن
وصلتنى من المهندس: شريف رفعت/ كندا هذه القصة:
لم تخطر ببالى فكرة الزواج حتى شاهدتها، «مايسة» رائعة الجمال بجميع المقاييس. متوسطة الطول، ملفوفة القوام، تقاطيع وجهها حالمة، وشعرها خليط من الذهبى والبنى وعيناها خضراوتان. كانت كثيرة الضحك بصوت عال، وعندما تكف عن الضحك يعلو وجهها ابتسامة جميلة خلابة. عندما عرفتها كانت بالسنة النهائية بكلية الآداب، محط أنظار الجميع.
جمال «مايسة» دفعنى إلى التفكير الجدى فى الزواج رغم أنه لم يكن من أولوياتى فى تلك الفترة، كانت لى صداقات مع العديد من الجنس الآخر، أهمها «أمل» زميلتى فى العمل، وأقربهن إلى عقلى، اقتصرت علاقتى بها على النقاش، مع الكثير من المودة والاحترام.
تقدمت لأهل مايسة وحزت القبول. حرصت خلال فترة الخطوبة على الخروج معها بكثرة للتمتع بجمالها الفاتن، ولكى أتعرف أكثر على شخصيتها، من أول خروج معها تأكدت من أنها شديدة الهيافة. كانت تقهقه ضاحكة على لا شىء، أو تستمع لكلماتى وهى مبتسمة دون أن تفقه شيئا مما أقول.
بعد أول لقاءين لى معها قررت أن أقف وقفة حازمة مع نفسى، بمنتهى البساطة أنا أمام إنسانة رائعة الجمال شديدة الهيافة، فهل أتخذها زوجة أم أنسحب الآن؟ بعد تفكير عميق قررت المضى فى الزواج، بصراحة كانت رغبتى فى ممارسة الغرام معها لا تقاوم، ولكى أرتاح أقنعت نفسى أنى سأغير من شخصيتها بعد الزواج.
كانت ليلة الزفاف جميلة. شعرت أننى امتلكت العالم، وأننى اتخذت القرار السليم.
فى لقاء جمعنا بزملاء العمل، والذى تحدثت فيه مايسة للأسف بكثرة، قالت لى أمل «عروسك فى منتهى الجمال.. مبروك». لكن عينيها قالتا لى «جتك خيبة».
الأشهر التى تلت الزفاف كانت شديدة التناقض، محاولاتى لتغيير «مايسة» باءت بالفشل، هى مصممة على مواصلة الهيافة، وتعتبر أن محاولتى لإضفاء بعض التعقل والاتزان عليها سلوك مـُـعـَقـد. عائلة مايسة كلهم فى الهيافة سواء، الأم والأب والأختين الكبيرتين والأخ، لا تستطيع أن تتحدث معهم حديثا ذكيا. كنت أجلس معها استمتع بالنظر لجمالها الأخاذ، وأتألم فى الوقت نفسه من هيافتها.
عندما فقدت الأمل فى تغييرها فكرت فى تطوير علاقتى بأمل، نتبادل الأحاديث والأفكار الذكية، قد تضيف هذه اللقاءات نوعا من الاتزان على حياتى، ولكن هل ستقبل أمل تطور علاقتنا فى هذا الاتجاه؟ هل ستقبل أن تكون البديلة الذكية عن الزوجة الهايفة كى ترضى احتياجاتى العقلية والنفسية بعد أن أرضت مايسة احتياجاتى الشكلية؟ ولكن أليس فى ذلك ظلم لها؟
وفجأة أخبرتنى مايسة أنها حامل. انتابتنى مشاعر متضاربة وإن كنت قد أبديت فرحتى إكراما لمشاعرها، سألت نفسى «هل سيكون العـَيــِل هايف مثلها؟».
فى هذه الليلة رقدت على الفراش جوارها. كالعادة رائعة الجمال. يعلو صدرها ويهبط فى سلام مغر، كما ضاعف من جمالها كونها صامتة فلم أعانى من هيافتها، قادتنى نظرتى المتمعنة والهدوء المحيط إلى التفكير فى حقيقة مشاعرى نحوها، هل يمكن لإنسان أن يحب إنسانا آخر وهو غير مقتنع به؟ وهل هى فى الواقع لا تختلف فى هيافتها عن ملايين الزوجات الأخريات، ولكنى أنا الذى أعـَـقِد الموضوع؟
الحيرة تتملكنى، وبالذات أن هذا الجسد الجميل الراقد بجوارى يحتوى الآن جزءا منى. وأخيرا وجدت الحل: سأتحول أنا الآخر إلى إنسان فى منتهى الهيافة.