مجموعة سعودي القانونية

أيمن الجندي يكتب |نظرية العشر دقائق

د.-أيمن-الجندى1

أشياء كثيرة تمنيت أن أفعلها طيلة الأعوام السابقة ولكننى تكاسلت عنها. تمنيت أن أمارس رياضة بدنية بانتظام أو على الأقل التمرينات السويدى. تمنيت أن أحسن لغتى الإنجليزية بالذات فى المحادثة! أردت أيضاً أن أواصل الاهتمام بمراجعى الطبية كما كنت أفعل قبل حصولى على الدكتوراه. هناك أشياء أخرى تمنيت أن أفعلها لعلها تفيدنى فى آخرتى. يؤنبنى ضميرى لأننى لا أواظب على أذكار الصباح والمساء برغم أننى كنت فى السابق لا أتركها! وأهم منها أن أعود إلى حضن القرآن الدافئ. من العجيب أننى فى شبابى كنت لا أطيق فراق القرآن الكريم، واليوم تمر السنة تلو السنة، ومصحفى مهجور يعاتبنى الرسول على هجره عند ربى (وقال الرسول يا رب إن قومى اتخذوا هذا القرآن مهجورا).

لماذا لا أواظب على تلك الأشياء برغم توقى إليها ويقينى بأهميتها؟ إنه الكسل وضعف الهمة! وتشابه الأيام واستغراقنا فى الدوامة اليومية. المشكلة أن العمر يمضى بسرعة البرق. السنة تنقضى بسرعة أسبوع. والعقد الكامل يمر كالشهر، حتى ينقضى عمرك.

إحساس التقصير سيئ. ينتقص من تقديرك لنفسك. يورثك تأنيب الضمير والإحساس بالدونية. وهكذا تدخل فى دائرة مفرغة. من المهم جداً للإنسان أن يُقدّر ذاته. أن يُنمى شعوره بالكرامة الإنسانية. أن لا يليق به فعل الصغائر. هذا شىء يختلف عن الكبر المذموم والتعالى على الناس. يُحكى أن رجلاً قال: «أنا ما أبالى أهُجيت أم مُدحت»، فأجابه الأحنف بن قيس: «أرحت نفسك من حيث تعب الكرام».

الكرام هم الذين يبالون بصورة الذات لديهم. الكرام هم من لا يستسلمون لدواعى الكسل وفتور الهمة. وأنا أود أن أكون من هؤلاء الكرام. ما اكتشفته أن عشر دقائق تخصصها لفعل شىء وتواظب عليها سوف يؤدى فى نهاية الأمر إلى نتائج رائعة.

هكذا بدأ الأمر بالنسبة لى. بدأت فى قراءة القرآن بعد صلاة العشاء لمدة عشر دقائق فقط. عشر دقائق لا أكثر. لكننى واظبت على هذه الدقائق العشر، فإذا بى أختم القرآن فى العام الواحد مرتين. كان شعوراً رائعاً أننى كسرت الحلقة المفرغة.

نظرية «العشر دقائق» من أجمل ما اكتشفته فى حياتى! عشر دقائق أمارس فيها الرياضة البدنية. أقوم بضبط المنبه على عشر دقائق فقط وأتوقف بمجرد سماع الرنين. يوماً بعد يوم يتراكم الأثر.

عشر دقائق تقرأ فيها صفحة واحدة من كتاب باللغة الإنجليزية. بعد شهر تكون قد قرأت ثلاثين صفحة. بعد عام ستكون قد أنهيت الكتاب كله.

العمل القليل الدائم خير من العمل الكثير المنقطع. هكذا أخبرنا رسولنا، صلى الله عليه وسلم. أفضل ما فعلناه فى حياتنا هو القليل الدائم. لم تستغرق صلواتنا دقائق معدودة كل يوم، ولكنك إن تكاسلت عن صلاتها وأردت أن تستدرك نفسك فستجد أنه من الصعب جداً أن تصلى ما فاتك.

جرب نظرية «العشر دقائق» فى حياتك. ليس من الضرورى أن تكون فى نفس الأشياء التى فعلتها. فى داخل كل منا أمنيات لم تتحقق، تختلف هذه من إنسان لآخر. فما أود أن أصنعه أنا يختلف بالتأكيد عما تود أنت أن تصنعه.

اكسر الحلقة الجهنمية. تغلب على الفتور وتشابه الأيام. حقق أحلامك قبل أن يحين الأجل. جرب ولن تخسر شيئاً. إنها فقط عشر دقائق.

 

المصدر:المصرى اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *