مجموعة سعودي القانونية

إبراهيم أبو الفضل يكتب | على هوى القراء

ابراهيم ابو الفضل

 

        يأتى بقلمة والأوراق، يخرج قلمه من غمده، ويبدأ النزال، يمتطي أحد جياد خياله وينطلق كالسهم الهادر إلى ساحة القتال، يضرب رقاب البديهيات ويبقر بطون المعتقدات، يناكف عقول الناس ويكفر بما أمنوا به من ثوابت، لا يجد جندى من جنود النفاق إلا ويذبحة ولا يرى راية من رايات النفاق إلا ويسقطها.
        يأسر مايقدر علية من الأفكار ويصلب على عموده ما ألفه الناس منها، ينتهى من مقاله يرسله للجريدة التى يعمل بها.
       في الصباح يذهب الى اى ندوة او مؤتمر أو يشاهد احد المسرحيات، وفى المساء يلقي بقاربه فى الفضاء الافتراضي؛ ويسبح……
       يتصفح بعض الاخبار المنشورة، ويشاهد أحد الأفلام، ثم يعود إليه ينظر  ماتلقى من ردود وتعليقات أو بمعنى أخر، يطلع على اخر ما توصل إليه البشر من ألفاظ الشتم والسباب.
قذف مباشر ولعن،الفاظ خارجة،تجريح وتخوين،وصم بالعمالة ووصف احياناً بالجنون، بل وصل الأمر إتهامه بالإلحاد وإزدراء الأديان.
      هى الوحيدة التى لا تترك له نزالاً ولم يفوتها إحدى جولاتة، تهدي إليه باقة من كلمات الإعجاب والتشجيع وتنحنى له أمام الشاشة من الإنبهار، وبحروف لوحة المفاتيح تعلق له شهادات من الاعزاز والتقدير، قد تستطيع أن تزود عنه بعض السهام، وقد يصيبها كذلك بعض الطعنات.
      زملاءه بالجريدة غاضبون؛ مقالاته تثير إستياء القراء، وتنال الجريدة منه ما ينال من الهوان وتهوى بسمعتها فى الحضيض.
      تجمعوا مرة عند رئيس التحرير وتوسل معظمهم اليه أن يقيله، أو على الأقل ينقل نشاطه فيها الى قسم النعى والوفيات، رد عليهم بقسوة وإقناع:
_هو إنتو مش عارفين ولا إيه الأيام الى مبينزلش فيها مقاله توزيع الجرنان بيخس النص وموقعنا بينهار فى محركات البحث ومتنسوش إنكم بتقبضوا مرتباتكم من الإعلانات معظم القراء بيدخلو علية علشان بس يشتموه الظاهر إنه بقى عندهم كيف.
قالها لهم وهو يشرب كوباً من الماء ..ليبتلع حبة من حبوب الدواء .
_تحملوا وحللوا مرتباتكم يا أساتذة زى ما انا بحللها غصب عني كل يوم.
يقصد ما يتحمله يومياً من اللوم والتقريظ من مسئول أو فنان .
      أقنع أحد الغاضبين يوماً.. بأن مايكتبه هو نوع من الكتابة التجريدية التى لا تعنى كلماتها ما تصل إليه من بذئ المعاني .
      مرت أيام ولم يرى لوحاتها تحت كلماته إشتاق إليها وإلى هداياها، فهى الوحيدة التى تخفف عنه وهى الوحيدة التى يكتب لها.
      بحث عنها فى مواقع التواصل وسأل عليها فى غرف الدردشة، بل إنه افرد مقالاً يكتب عنها إلى إن جاءه الرد، من إحداهن بعدما أكدت له إنها صديقة لها وجاره. بأنها ماتت. حكت له التفاصيل، وختمت كلامها بعد أن ترحمت عليها وطلبت لها المغفرة :
_ماتت بسبب إيمانها بأفكارك يا إستاذ.
     لم يظهر مقال له بعدها، وقرأ الناس فى اليوم التالى ” نعتذر لكم عن مقالات الاستاذ وسوف نبدأ غداً سلسلة مقالات لكاتب اخر تحت عنوان: (على هوى القراء)” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *