مجموعة سعودي القانونية

إبراهيم سعودي يكتب: معنى أن تكون الانتخابات نزيهة ؟ (4/2)

ابراهيم-سعودي-2

(كيف ننتخب و كيف ينتخب العالم المتحضر)

في العالم المتحضر حين يكون هناك انتخابات يجلس المسئولون عنها لوضع القواعد الحاكمة للعملية الانتخابية ليبحثوا عن اجابة للسؤال ، كيف نعمل على ادارة انتخابات تصل بنا الى نتائج تعبر عن الارادة الحقيقية للناخبين ؟.

وفي العالم غير المتحضر يجلس المسئولون عن الانتخابات ليبحثوا عن إجابة للسؤال كيف نعمل على ادارة الانتخابات حتى تصل بنا إلى النتائج التي نريدها مقدماً ؟!!!،ومن هنا يدرك العالم المتحضر أن النزاهة في الانتخابات لا تتحقق فقط في المرحلة الأخيرة المتعلقة بعدم التلاعب بنتائجها يوم التصويت ، لكن العملية الادارية والفنية والرقابية السابقة على يوم التصويت يمكن أن تؤثر في نزاهة الانتخابات وتبلغ بهذا التأثير مبلغ يفوق ما يبلغه التلاعب أو التزوير يوم التصويت.

لهذا فإن البحث عن الطريقة الفنية والادارية والرقابية المثلى التي تستخدم في مرحلة الاعداد للانتخابات كاعداد كشوف الناخبين، وقوائم المرشحين ومنح الأرقام لهم وتنظيم اجراءات وطرق الطعن عليها، وإعداد وطباعة بطاقات الاقتراع وتحديد طريقة وألية التصويت وألية التعرف على هوية الناخبين، وتنظيم الدعايا ووضع قواعد لها تضمن تكافؤ الفرص بين المرشحين في عرض أنفسهم على الناخبين ووضع ضوابط الدعاية ومدتها، وتخصيص حساب بنكي للانفاق منه عليها ووضع سقف لهذا الانفاق، وحدود تلقي التبرعات، وبالجملة ضبط حسابات الدعاية الانتخابية، وتنظيم استخدام وسائل الإعلام حتى تلتزم الحيدة الواجبة بين المرشحين، وأن تكون هناك مواجهة للدعايا السوداء لمن يقوم بنشر الأكاذيب والشائعات عن الخصوم والرقابة على استطلاعات الرأي الوهمية التي تؤثر في ارادة الناخب، وحظر استغلال صلاحيات أصحاب المناصب المؤثرة في التدخل في العملية الانتخابية، ووضع جزاء رادع لمن يخالف هذه القواع.

وفي النهاية فلا قيمة لكل ذلك ما لم يهيمن ويشرف على ادارة العملية جهة رقابية محايدة تمتلك سلطة توقيع الجزاء المحدد على من يخالف.

وإذا ما تمت المقارنة في كل ذلك بما يحدث في الانتخابات عندنا نجد أننا نقف على طرف النقيض من كل هذه المبادئ والقواعد، ولا يوجد مثال على هذا النقيض أكثر فجاجة ووضوحاً وصراحة (بلغت حد البجاحة) من انتخابات نقابة المحامين الأخيرة فمن حيث الاشراف على إدارة العملية الانتخابية استغل النقيب وأعضاء المجلس لمناصبهم في السيطرة على كل شئ فأسندوا لأنفسهم والموظفين التابعين لهم الإشراف على ادارة العملية الانتخابية تحت ذريعة أن قانون المحاماة لا يمنع ذلك وكأن القانون يجب أن يتحدث عن بديهيات، وكأنه لا يوجد شئ اسمه الدستور أو العرف أو مبادئ العدالة والقانون الطبيعي تلي القانون في ترتيب المصادر القانونية,

فكان أن امتنعوا عن تنقية الجداول، وامتنعوا عن تطبيق قواعد عادلة في منح الأرقام للناخبين فتم استخدام قواعد متباينة في ذات الانتخابات حيث تم ترتيب أرقام المرشحين في بطاقات التصويت لعضوية المجلس على المستوى العام وفق الترتيب الأبجدي للأسماء في حين تم ترتيب المرشجين لمنصب النقيب وفق أسبقية التقدم حتى يتم تمكين الأستاذ سامح عاشور من الحصول على رقم 1 بعد أن منعوا غيره من المرشحين في اليوم الأول من تقديم أوراقهم ولم يسمحوا بالقيد في الدفتر إلا بعد حضوره للنقابة بعد الساعة الواحدة ظهرا.

كما تمسكوا بطباعة بطاقات انتخابية بلا اختام ولا توقيعات وتمسكوا بعدم التصويت بدونها حتى يتحكموا في توزيع هذه البطاقات ويتسسب عدم الحصول عليها أو تأخير وصولها في حرمان المحامي من التصويت وامتنعوا عن تنفيذ الحكم القضائي الذي صدر بالزام المرشحين بتوقيع الكشف الطبي وفرغوا الحكم من مضمونه فجعلوا من الكشف الطبي شئ يشبه دليل العذر الطبي (المضروب) الذي يقدم إلى المحاكم وتم ضرب عرض الحائط بكافة الطلبات التي تم تقديمها .

ومن حيث الدعايا هيمن النقيب ورفاقه بلافتاتهم وصورهم على واجهات النقابة فاستحوذوا على نحو تسعين بالمائة منها (خصص نصفها للنقيب وحده) وعلى غرف المحامين عن طريق العاملين بهذه الغرف، وسارت الدعايا بلا قواعد ولا ضوابط ولا سقف للانفاق، فرأينا المال النقابي والرشاوى النقابية وتوزيع الهدايا والأجندات المطبوعة من أموال النقابة ، ومن تكسبوا وتربحوا أثناء وبسبب مناصبهم النقابية ينفقون بلا حساب ولا سقف.

وسيطر البعض باتصالاتهم وعلاقاتهم التي اكتسبوها بحكم مناصبهم على غالبية وسائل الاعلام فلم تلتزم الحيدة بينهم وبين باقي المرشحين عند تناولهم لانتخابات نقابة المحامين، ولم يكن هناك مواجهة للدعايا السوداء فسيطرت الأكاذيب والشائعات والسخرية المشوهة للخصوم بتوظيف محامين سعداء أنهم متخصصون في ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي ، وانتشرت استطلاعات الرأي الكاذبة والوهمية والمفبركة التي تؤثر في ارادة الناخبين، ولم يكن من الممكن بل صار من المستحيل مواجهة كل ذلك بجزاء رادع بعد أن أصبح رب البيت هو أول الضاربين عليه.

هذا فيما يسبق عملية التصويت … فماذا يفعل العالم المتحضر في يوم التصويت ؟ وماذا فعلنا ونفعل ؟ هذا موضوع مقالنا القادم من هذه السلسلة.

الجزء الأول (منطق يسري)

 

المصدر:المحاماة نيوز

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *