إبراهيم عيسى يكتب | من حيث الأغنياء والفقراء
حتى الآن الرئيس السيسى اقتصاديًّا لا أسعد المستثمرين ولا أرضَى الفقراء.
القرارات كلها تنطلق وتصب فى التقشف وضغط النفقات وزيادة الضرائب ورفع الدعم، وستؤدى قطعًا إلى زيادة فى الأسعار.
كذلك لم يشعر المستثمرون بأن الرئيس يهتم بتوفير مناخ الاستثمار ولا تشجيعه ولا تسهيله ولا تحفيزه، ربما لم يُعِق أحدًا، لكنه لم يشجع أحدًا، لا قوانين جديدة ولا إلغاء لقديمة ولا خطط محفزة ولا إنصات لما يقولونه منذ سنين، بل ربما يلمحون اتهامًا لهم بالإثراء على حساب الدولة والغلابة، ثم إيماء وإيحاء لهم بضرورة التبرع والدعم والتنازل عن الثروة من أجل مصر.
ولكن أين المشروعات الجديدة ومصانع ومزارع ومدن من أجل مصر؟
لا شىء يبدو واضحًا، بل الغموض ينتقل من الرمادى إلى الداكن.
على الناحية الأخرى المواطن الذى كان يتوقع، عن خطأ، أن مع السيسى سيهبط عليه المنُّ والسَّلوى، وستنخفض الأسعار وتزيد الأجور وتتحسن الأحوال وتتوفر الوظائف وجد نفسه مطالَبًا بربط الأحزمة والترشيد وتحمُّل زيادة الأسعار.
هل هذا كلام مبكر جدًّا؟
ربما، لكن الانطباعات الأولى تدوم. ثم إن المنهج المتبع من اللحظة الأولى هو «نجيبلكم منين واستحملونا شوية، والظروف صعبة، وها نحن نبدأ بأنفسنا، فالرئيس وحكومته يتبرعون بمرتباتهم وامتيازاتهم». وها هو تطبيق الحد الأقصى للأجور الذى زنَّ عليه الجميع، اللى يعرف واللى مايعرفش.
حسنًا هذه إجراءات طيبة ومخلصة، لكن وبعدين!
من مقدمات كثيرة يمكن أن نفهم أن الرئيس يراهن على صدقه وإخلاصه وشعبيته، ويستثمر هذه الحالة فى إصلاح سياسات قديمة لإنقاذ الاقتصاد، لكنها طريقة لوقف نزيف الدم وليست لإمداد المريض بالدم، ثم إن الرئيس يعتقد أن الدولة يمكن أن تقود قاطرة التنمية، وهذا كلام مهم وممكن. وقد أثبتت نظرية رأسمالية الدولة نجاحها فى دول كثيرة، حيث قطاع عام قوى، وشراكة حكومية فى شركات ومصانع كبرى ومشروعات عملاقة، ولكن مشكلة هذا كله أن الدولة المصرية مترهلة وتعبانة ومثقلة بمصائب سودا، ولا قدرة عندها على قيادة التنمية الآن، فهى عليلة كليلة.
البشائر لا أرضت الأغنياء ولا الفقراء، بل ولا هى جديدة ولا مختلفة ولا مبدعة، لكن الأمل قائم والثقة فى السيسى حاضرة.
ولا يزال الجميع ينتظر!