أعرف طبعًا أن النار تحرق أذناب وأذيال الإخوان الذين يكرهون الشعب المصرى لثورته الأروع ضد حكم المرشد، ويكرهون الجيش المصرى لأنه المؤسسة الوطنية التى حررت مصر من الاستعمار ومن الإخوان منذ ١٩٥٢ حتى ٢٠١٣.
وأفهم طبعًا ذلك الغل والحقد الذى يجرى فى عروقهم مكان كرات الدم البيضاء والحمراء، وأتفهم هذا الإحساس المرعب بالهزيمة والانكسار حين يرى هؤلاء مصر -رغم أزماتها ومشكلاتها- لا تعير الإخوان وأذنابهم وأذيالهم اهتمامًا أو هَمًّا.
كل هذا طبيعى، والأكثر طبيعية هو محاولات يائسة لبثّ اليأس فى نفوس الناس، وجهود يبذلها هؤلاء على قِلّتهم وقلة حيلتهم للإيهام بسوء الدستور الذى وضعته لجنة الخمسين التى هى صورة كاملة وأمينة لمصر الآن بأفكارها وتياراتها وتفككها وتصارعها وفئويتها وشبابها وحيرتها ووطنيتها، وطبعًا تمجيد دستور مرسى الإرهابى الذى وضعتْه جماعة خائنة مع حلفائها وأسافلها الإرهابيين.
وحين يركز هؤلاء على وضع الجيش فى الدستور يتخيلون أنهم يسحبون من شرعية وشعبية الدستور، وهم واهمون ومضلَّلون كالعادة، فالشعب المصرى، كما رأى هؤلاء العميان، يحب جيشه ويضعه موضع المؤسسة الوطنية الضامنة والحامية والمطمْئِنة ولا يراها عسكرًا وحكما عسكريا، كما يروج الإخوان الملاحيس ومهاويس الإنترنت، ولا يمكن التجريب ولا التخريب فى هذه المؤسسة فى المرحلة التى تتساقط فيها الجيوش العربية وتنهار فيها الدول العربية، فحين ينص الدستور على اختيار قائد الجيش من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة (وهذا ما كان فى دستور الإخوان) وبموافقة المجلس (وهذا ما أُضيف فى الدستور الجديد) فهذه ضمانة للاستقرار داخل الجيش ولوحدة القيادة والجنود، ولمنع يد السياسة من التلاعب بمصير الوطن، فالسياسة مهما بلغت وطنية رجالها تحكمها المصالح الانتهازية، لا الثوابت الأخلاقية.
ثم إن التخرُّصات حول غَلِّ يد الرئيس القادم عن عزل وزير الدفاع، محض كلام فارغ، لم تأتِ به ولم تنصّ عليه مواد الدستور حتى لو ورد فى ورقة تائهة هنا أو هناك قبل الصيغة النهائية.
أما مادة المحاكمات العسكرية للمدنيين فدعْنا أولا نثبت رفضنا الكامل والمطلق والنهائى لمحاكمة أى مدنى أمام القضاء العسكرى، لكن الإخوان الكَذَبَة وكَتَبَتَهم شديدى الرقاعة يتناسون أن هذه المادة كانت موجودة كذلك فى دستور الإخوان، ولم يمنع إرهابيو مرسى القضاء العسكرى فى يوم من الأيام. أما ترديدهم أشهر كذبة عن الذين حوكموا أمام المحاكم العسكرية فى عام ٢٠١١، فيجب أن نذكّركم بأنه العام الذى قامت فيه الثورة وقامت فيه جماعة الإرهاب الإخوانية بضرب الأمن المصرى عبْر حرق تسعة وتسعين قسم شرطة وأكثر من ثلاثين مقرَّ نيابةٍ ومحكمة وتهريب ستة وعشرين ألف سجين، ونشر الفوضى والانفلات فى البلد كلها، وحيث لم يكن هناك بوليس ولا نيابة ولا محاكم، فقد تولى الجيش عملية القبض على المتهمين والتحقيق معهم، وقد بلغ العدد قرابة الاثنى عشر ألف متهم، وحين عادت أجهزة النيابة سلم الجيش المتهمين كلهم إلى النيابة العامة والسجون محكومًا على أقل من خمسئة منهم فقط بأحكام من القضاء العسكرى، لكن الكَذَبَة المضللين، إخوانَ الشياطين الذين عاثوا فى مصر عبثًا وأحرقوا أقسام الشرطة وهرَّبوا آلاف المجرمين يريدون أن يحاسبوا الجيش على حمايته لمصر من جرائمهم القذرة ويروّجون أنه حاكم مصر عسكريًّا.
الصغار والمراهقون حين يتصرفون تصرُّف الصغار والمراهقين فهذا منطقى جدًّا ولا مفاجأة فيه، كما أن الإخوان وأتباعهم عندما يكذبون ويضلِّلون فهذا طبيعى جدًّا، فليس للبقر إلا أن تَخُور، فهذه سنة الحياة.