لماذا تصر القوى السياسية على الغباء والبغبغة؟
ما هذا القدر الهائل من التفاهة وغياب النضج وروح القطيع التى تتصف بها أحزاب وقوى وجماعات تدّعى أنها سياسية فى البلد؟
مهرجان تافه من المزايدة والطنطنة ضد قانون التظاهر حتى إن الساحة السياسية تبدو فعلا وقد احتلها شوية عيال مع متصابين وعجائز عجزة لا يملكون جماهيرية ولا شعبية ولا مصداقية ولا أدوات لديهم إلا الثرثرة والملاعنة.
طبعًا وقطعًا التظاهر والاعتصام والإضراب حق لأى مواطن فى أى بلد ديمقراطى محترم فى العالم.
بلاش خوتة بقى. فلا أحد يختلف على هذا الحق، بل وضرورة الدفاع عنه والتمسك به والنضال من أجله، لكن النضال من أجله ليس بالبغبغة ولا بالمزايدة والعبث التافه الذى يسمِّى أصحابه أنفسهم ثوريين، كأن الثورة هى مظاهرات تجمع بعضها مع بعض وفقط.
حق الإضراب والاعتصام والتظاهر يجب أن يكون مكفولا بالتنظيم، هذه من حقائق السياسة والحياة والكون، وبالمناسبة الديمقراطية.
الدول الديمقراطية تنظِّم هذا الحق حتى لا يصبح هرتلة وفوضى وقلة أدب وبلطجة، كما يحدث فى مصر الآن، حيث تسعة وتسعون فى المئة من المضربين عن العمل مثلًا لا يعرفون قواعد وقوانين الإضراب، لكنها عملية غضب واحتجاج هائج يضر فيها المضربون أنفسهم أكثر مما يحققون أهداف الإضراب.
لا بد وحتمًا من قانون التظاهر والآن دون أن ننتظر انتخابات قادمة، فالحالة الهائجة المائجة، والدنيا السائبة التى نعيشها تستوجب التنظيم للمظاهرات والاعتصامات لعقلنة الاحتجاج ودمقرطة هذا الحق، كما هو موجود ومتَّبع فى الدول الديمقراطية كلها.
وإذا كان الإخوان قد حاولوا تمرير قانون تظاهر خلال فترة حكمهم، وكنا نرفضه ونعارضه، لأنه كان موضوعا لخدمة عصابة حاكمة تريد أن تخطف البلد وتعصف بالدولة المصرية، ورغم أن القانون مهم وضرورى، لكن نيات حكم الإخوان التى لم تكن تخفى على أى مواطن من الشعب المصرى، خصوصا فى أشهر الحكم الأخيرة كانت تشى بأنه قانون عصابة وليس قانون وطن.
الآن من الطبيعى لموتورى الإخوان وخلاياهم ولبضعة أنفار من صبية السياسة الذين يتعاملون مع ثورة «تلاتين يونيو» على أنها انقلاب، وهم عشرات مرميّون على النت والأرصفة، أن يقفوا ضد قانون التظاهر من حيث المبدأ والأصل، ويقولون كلاما تافهًا من نوع أنه رِدَّة على ثورة يناير، على اعتبار أن ثورة يناير حِكرٌ على بعض صبية كانوا فى الغالب يرتدون حفاضات حين تخلَّى مبارك عن الحكم.
لكن أن تتبنى قوى وأحزاب (صحيح أنه لا وزن شعبيًّا لها لكن لم نكن نعلم أنه لا عقل لها أيضا) موقف الرفض والتنديد بقانون لا تخلو أى دولة ديمقراطية فى العالم من نظيره ومثيله، فهذا نوع من التصابى ومراهقة متأخرة وبغبغة مذهلة فى ترخُّصها.
يحتاج قانون التظاهر إلى مراجعة وتدقيق وهناك ملاحظات عليه ضرورية هنا أو هناك وضبط لبعض البنود، لكن أنْ نرفضه ونعتبره علامة على الاستبداد فهذا كلام ناس جاهلة فعلًا.
وبصراحة.. البلد مش ناقصة جهلة فخورين بجهلهم.
المصدر جريدة التحرير