إبراهيم عيسي يكتب| غرور سياسة قطر مساوٍ تمامًا لغبائها
يبدو اعتراف جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى، عن قطر وتركيا ولعبهما فى الشأن السورى كاشفًا لمدى السفالة التى تتمتع بها السياسة القطرية المخربة للوطن العربى والمنتفخة غباءً وغرورًا، وفاضحًا لحجم الكراهية والحقد الذى يكنُّه مخبول إسطنبول تجاه العرب.
أشرتُ أمس إلى اجتماع كيرى مع الملك عبد الله ملك السعودية، فى ١٧ نوفمبر الماضى، وكيف بدا كأنه مفتاح لمستغلقات كثيرة، وطبقًا للمصادر القريبة التى اطَّلعت على ما دار فى الاجتماع فإننا أمام اعتراف أمريكى مذهل بالتخريب التركى والقطرى لسوريا، تخريبًا لم يتورع عن الإرهاب ونزف الدم وقتل النفس وتمزيق البلد لصالح خبل قطرى مفرط وحقد أردوغانى مذهل، (وهو ما يحاول الطرفان الأحمقان الفاشلان الغبيَّان المعتوهان تَكراره فى مصر بكل مليارات قصر الإمارة الملعون، وبكل حقد إخوانى لدى مخبول إسطنبول). قال كيرى:
«اسمح لى يا جلالة الملك أن أدخل وإياك إلى الملف السورى، فمنذ البداية دعّمنا الثورة وآزرناها وقلنا: على بشار الأسد أن يرحل، ودعمنا المعارضة وكنا نتمنى أن تبقى المعارضة فى الأزقّة والشوارع، وأن لا تنتقل إلى الجبال والخنادق.
ولكن هناك من استعجل الأمر، واعتبر أن ذلك سيسرع فى انهيار النظام.
ولكن وجهة نظرنا كانت مخالفة مع أننا لم نعترض على ذلك.
ساعدْنا المعارضة بكل قوة، فزودناهم بالسلاح وفرضنا عليهم جميعًا ضغوطات من أجل الوفاق والوحدة، وكذلك مارسنا ضغوطًا على النظام وعزلناه وحاصرناه، كل ذلك دعمًا للثورة السورية.
ولكن الذى أضر بالثورة السورية هو كثرة الطباخين، حيث فسدت الطبخة وشعطت، كما تقولون فى العربية، فالكل أصبح قائدًا للثورة السورية، والكل له قراراته، والكل له جماعته، ولكن للأسف الكل يتصارع مع الكل.
كنا حريصين على وحدة الجميع، ولكن للأسف فشلنا، فقطر أصبحت قائدة، وتركيا أصبحت كذلك، والبعض عندكم، وإسرائيل أطلَّت بأنفها، كل ذلك -حسب وجهة نظرنا- مكَّن النظام من الصمود وأصبح قادرًا على المواجهة».
أظن واضح لأىّ أعمى أن ما يجرى الآن فى سوريا باعتراف كيرى لم يعد ثورة ولا يحزنون، بل هو إجرام دولى حقير من أمريكا ذات نفسها ومن إسرائيل طبعًا ومن السفلة التقليديين فى المنطقة، تركيا وقطر!
يعود كيرى ليقول:
«حذَّرنا منذ البداية من أن عسكرة الثورة السورية ستصبّ فى مصلحة النظام، ولكن لم يسمعنا الكل وانجررنا تحت رغباتهم بهذا العمل، حيث قدم لنا البعض نفسه كخبراء للشعوب العربية والشعب السورى. كنا نقول لهم إن أهم مقومات أى دولة أو انهيارها هو الجيش، نسألكم: أين يقف الجيش؟
كنا نعرف أن نظام بشار الأسد محاط بنواة صلبة من الجيش يصعب اختراقها، ولكن البعض كان يزوّدنا بمعلومات مضلّلة، ويقول لنا إن الجيش سيفقد الثقة فى بشار، فقط مسألة أيام، والبعض تحدث عن ساعات».
قمة المأساة تأتى الآن فى كلام كيرى التالى:
«سأروى لك يا جلالة الملك ما حدث فى قصة واحدة، أمير قطر السابق اتصل على عَجَل طالبًا مكالمة الرئيس أوباما بأن بحوزته معلومات مهمَّة يجب أن يُطلِعه عليها، وكان الوقت بعد منتصف الليل، حسب توقيت الولايات المتحدة والرئيس خلد إلى النوم، إلحاح أمير قطر على مكالمة الرئيس دعا مستشاريه إلى إيقاظه».
أمير قطر أخبر الرئيس أوباما بما يلى:
«رئيس الوزراء رياض حجاب سيتوجه بعد ساعات إلى رئاسة الوزراء ليعقد مؤتمرا صحفيا يعلن فيه انشقاقه عن النظام ودعمه للثورة، كل ذلك سيترافق مع تحركات وانتشار الجيش السورى، خصوصا فى المدن الأساسية وأن هناك اتفاقا قد جرى بين قيادة الجيش وقيادة الثورة على أن يوجهوا نداءً وإعطاء بشار الأسد فرصة من الوقت لمغادرة سوريا وأن القطريين قد مارسوا ضغوطا كبيرة من أجل إتمام ذلك، لأن البعض فى سوريا يريد قتل واعتقال الرئيس وعدم تمكينه من مغادرة سوريا».
أمير قطر أبلغ الرئيس أوباما أيضا بأن «كل ذلك أصبح ناجزًا والمسألة خلال ساعات».
«الرئيس أوباما أخبر مستشاريه وأبلغهم بالموضوع وطلب منهم أن تقوم الفرق التليفزيونية الموجودة فى تركيا بالتحرك الفورى إلى سوريا من أجل مواكبة الحدث، وبِتْنا ننتظر ساعات وساعات، ولا شىء يحدث فى سوريا لنفاجأ فى ساعات المساء بطلب أردنى أن نساعدهم عبر الأقمار الاصطناعية فى البحث عن رياض حجاب رئيس الوزراء السورى، حيث أخبر الأردنيين بأنه فى الطريق إليهم، ولكنه لم يصل، ومن المحتمل أن يكون قد أُلقى القبض عليه، أو قُتل، وبعدها بساعات تم التعرف على رياض حجاب مغادرًا الأراضى السورية إلى الأراضى الأردنية، متنكِّرًا فى زى امرأة، هذا ما حصل يا جلالة الملك».
«هل تعلم يا جلالة الملك أن القطريين أبلغوا الإسرائيليين بذلك قبل أن يبلغونا، هل أبلغوكم؟».
إلى هذه الدرجة من العمالة والوضاعة والغباء وصلت سياسة قطر!