ابراهيم عبدالعزيز سعودي يكتب | قانون المحاماة ونقيب المحامين
كتبت مرارًا وتكرارًا أن الإيمان بأن المحاماة مهنة حرة يمارسها المحامون وحدهم في استقلال ولا سلطان عليهم في مزاولتها والنهوض بتبعاتها لغير ضمائرهم واحكام القانون ، لا تكتمل أركانه بغير أن يدرك المحامون أنهم ليسوا تابعين لأحد ـ كائنا من كان ـ يتقاضون منه أجرا ، أو يتولى توجيههم ويفرض رقابته عليهم ، وأن ما خوله القانون لنقابة المحامين من إدارة شئون أعضائها بما يكفل استقلالها واستقلالهم ، وبما يعينها على على الدفاع عن مصالح أعضائها ، لا يخولها العدوان على حقوق هؤلاء الاعضاء التي كفلها الدستور والقانون ، ولا يخولها كذلك أن تتجاوز الحدود التي رسمها القانون فتكون عائقا أمام المحامي يمنعه عن ممارسة أعمال مهنته بقرارات باطلة وادعاءات تجنح عن صحيح القانون ، طالما استوفى ما حدده القانون ، وبغير أن يتزيد عليها القائمون على ادارة هذه النقابة ، بما ينحرف بها عن مضمونها الحق ، ويبتعد بها عن متطلبات ممارسة المحامي لمهنته بفرض ما لا سند له ولا قيمة في القانون من نقابة تدعي أنها تحمي حرمات القانون .
وإن كان ما ذهب اليه نقيب المحامين من تجاوز كل الأسس القانونية والقواعد الإجرائية لتمرير زيادات في الرسوم والاشتراكات والدمغات بقرارات جائرة في جمعية باطلة ، مآله في النهاية الى سلة المهملات القانونية .
فإن ما جاوز كل حد وفاق كل تصور ، أن يهدد نقيب المحامين ويتوعد من لم يسدد الاشتراك السنوي الآن وفورا ، بمنعه من مزاولة مهنة المحاماة وأن يجبر المحامين على سداد الاشتراك دون اعتداد بالمهلة التي رسمها قانون المحاماة ، وأن يرتب على عدم سداد الاشتراك الآن منع المحامي من مزاولة المهنة بما لم ينزل به قانون ولم يقل به من كان يحمل مثقال ذرة من قانون المحاماة ، وهذا الذي يهدد به ويتوعد نقيب المحامين من أن من لا يسدد الآن رسوم الاشتراك الجائر واتاوة العلاج الاجباري الباطل فورا ، سوف يمنع من ممارسة عمله امام المحاكم بمنشور يوزع على الموظفين كما أشيع وتداوله عدد من المحامين يدل على أحد أمرين لا ثالث لهما ، إما أن من قال ذلك لا يعلم أحكام قانون المحاماة وتلك مصيبة ، وإما أنه يعلمها ويقفز عليها متنكبا طريق القانون وتلك مصية أعظم .
وتفصيل ذلك أن قانون المحاماة نص في مادته الثانية على أنه ” يعد محاميا كل من يقيد بجداول المحامين التي ينظمها هذا القانون ” ، وجاءت المادة الثالثة عشرة في الشرط السابع من الفقرة الاولى جعلت من سداد رسوم الاشتراك والقيد وفق احكام القانون شرطا لللقيد في الجداول والاستمرار فيه مقيدة ذلك بأن يكون وفق أحكام القانون .
ونصت المادة 44 من قانون المحاماة على أن : ” لمجلس النقابة بعد سماع أقوال المحامي أو بعد إعلانه في حالة تخلفه عن الحضور، أن يصدر قرارا مسببا بنقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين إذا فقد شرطا من شروط القيد في الجدول العام المنصوص عليها في هذا القانون. ويكون للمحامي حق الطعن أمام الدائرة الجنائية بمحكمة النقض في القرار الذي يصدر في هذا الشأن خلال الأربعين يوما التالية لإعلانه بهذا القرار”.
و جعلت المادة 98 المنع من مزاولة المهنة عقوبة تأديبية لا يجوز توقيعها الا عند مخالفة أحكام القانون أو النظام الداخلي للنقابة أو الإخلال بواجبات المهنة أو القيام بعمل ينال من شرف المهنة أو تصرف شائن يحط من قدرها .
كما أن المادة 169 من قانون المحاماة حددت مواعيد سداد الاشتراك السنوي والأثر المترتب على عدم سداده حين نصت على أنه : على المحامي أن يؤدي الاشتراك السنوي وفق الفئات المبينة بالمادة السابقة في ميعاد غايته آخر مارس من كل سنة ويتم السداد إلى النقابة الفرعية التي يتبعها أو إلى النقابة العامة.
وعلى النقابة الفرعية توريد ما حصلته من اشتراكات إلى النقابة العامة بمجرد تحصيلها.
ومن يتأخر في سداد الاشتراك عن الموعد المشار إليه لا يقبل منه أي طلب ولا تعطى له أي شهادة من النقابة ولا يتمتع بأي خدمة نقابية إلا بعد أن يؤدي جميع الاشتراكات المتأخرة.
وخلاصة هذه النصوص أن :
أولا : أن سداد الاشتراك السنوي متاح بنص القانون حتى نهاية مارس من كل عام.
ثانيا : أنه لم يرد بالقانون ثمة اقتران بين الاشتراك السنوي ورسوم العلاج الاجباري الجائرة وجعلهما قرينان يسددان معا .
ثالثا : أن المنع من مزاولة مهنة المحاماة أو النقل من الجداول لا يكون بقرار من النقيب وإنما بعقوبة تأديبية وفق القواعد المنظمة للتأديب أو بقرار من مجلس النقابة وبعد إعلان المحامي وسماع أقواله
رابعا : أن الأثر المترتب على عدم سداد الاشتراك السنوي هو عدم انتفاع المحامي بالخدمات النقابية
خامسا : أنه لا يجوز توقيع أي عقوبة من أي نوع على المحامي الذي يمتنع عن سداد رسوم العلاج التي صارت إجبارية بغير سند من القانون .
هذا هو القانون وكل ما يخالف ذلك إنما يصدر عمن يتصدون للحديث في أحكام القانون ليلبسوا الحق بالباطل ، ربما عن علم وهم ينافقون ، أو ربما عن جهل وهم يدعون ، وكل قرار صدر أو يصدر على خلاف ذلك إنما يكشف جهلا فادحا بقانون المحاماة لا يليق بمن يعتلون قمة الهرم في نقابة المحامين ، وما هو الا انحراف مشين في استعمال السلطة لفرض قرارات جائرة على المحامين هي في حقيقتها قرارات لا نقول باطلة بل منعدمة .
والسؤال الآن ترى هل يرتفع المسئولون في نقابة المحامين قولا وعملا ويتراجعون عن هذه القرارات احتراما لأحكام القانون ورجوعًا إلى الحق ، أم أن بريق السياسة يعمى العيون ويصم الأذان ، فيكون التمادي في الباطل حتى ننزل جميعًا صاغرين على حكم القضاء ؟ ….. الإجابة تحملها الأيام القادمة .
( انتبه | الوعي هو الحل )