أصبح إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية معًا فى يوم واحد خطوة لا تمثل ضرورة سياسية فقط، كما كان منذ شهور، بل صار يمثّل الحتمية الوطنية التى أخشى أن الاستخفاف والخفة اللتين تتعامل بهما أطراف الدولة الآن ورمى كل واحد المسؤولية إلى حجر التانى، قد ينتهى بها إلى التجاهل أو الضياع وسط كمّ العبث الذى تغرق فيه مصر من صبية السياسة ومتصابيها، فنبكى على ضياع فرصة الإنصات إلى صوت العقل وسط الهوج والهيجان.
مصر لا تملك ترف مطّ وتطويل المرحلة الانتقالية، ولن يتحمل الشعب هذه الحالة المؤقتية، فكل حاجة فى البلد مؤقتة وانتقالية منذ فبراير ٢٠١١.
ثم إننا أمام رئيس مؤقت يبالغ جدا فى التعامل كمؤقت، وتَحوَّل التعفُّف الذى يملكه إلى حالة من النفور والعزوف عن التدخل لتحديد المسارات ولضبط الأمور ومتابعتها ومساءلة ومحاسبة المخطئين.
ثم هناك قوى سياسية لا تفعل إلا تحميل الجيش مسؤولية كل شىء من اختفاء الأنابيب إلى وقف برنامج، بينما الجيش لا ينتبه إلى أن شعبيته ومحبة الناس له ولقائده ستهددها بعد حين نظرًا إلى تحمله وتحميله مسؤوليات لا دخل له فيها ولا يعرف عنها شيئًا. ثم إن الفوضى -كما رأينا فى السنوات السابقة- والفشل -كما عشنا منذ فبراير ٢٠١١- سيصبَّان فى النهاية كرة من نار على رأس الجميع يصبح معها تدخل الجيش مطلبًا جماهيريًّا.
ثم إن لدينا حكومة فشلت فى أن تقدم للوطن وللمواطن بديلًا أو جديدًا، وكل وجوهها السياسية لم تحظَ بأى جماهيرية أو مصداقية عند الناس، ولا أظن أنها حكومة تليق بهذه اللحظة التاريخية رغم كفاءة نصف وزرائها على الأقل، لكنها حكومة بلا ظهير شعبى ولا ظهير سياسى (الحزب الذى ينتمى إليه رئيس الحكومة ونائبه مجهول لخمسة وتسعين فى المئة من المصريين، ولن يكون قوة داعمة لرئيس حكومته ونائبه إطلاقا، والحزب الذى ينتمى إليه نائب رئيس الحكومة الآخر وعدد من الوزراء مفكك، بل إنهم استقالوا منه استقالات مدوية».
نحن فى حاجة ماسة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية يتم إجراؤها معًا فى نفس اليوم:
١- لتقصير مدة المرحلة الانتقالية.
٢- لوضع مصر بسرعة على طريق الاستقرار من أجل التقدم والتطور.
٣- لوقف هدر طاقة الشعب والبلد فى المؤقتات والانتقاليات.
٤- لاختصار وقت الصراعات والدعايات السياسية فالبلد مش ناقصة توتر.
٥- لقطع الطريق على جماعة الإخوان الإرهابية وحلفائها فى استنزاف البلد وتسخين الفوضى والانفلات.
٦- لحماية البلد من إجراء انتخابات برلمانية أولا، فيأتى برلمان على حكومة ورئيس مؤقتين فتتنازع الشرعية المنتخبة مع المؤقتة، ويصبح تشريع القوانين وسيلة لفرض مسار من برلمان على رئاسة وحكومة، وسيفتح باب المزايدات على الأداء الحكومى مع وجود حالة انتخابية جديدة فى البلاد يزيد الأمر قلقا، فضلا عن احتمالية الرغبة البرلمانية فى لعب دور فى مسار وعملية ترشيح الرئيس القادم. وهذا كله بنزين المؤقت جنب نار المنتخب يشعل العشوائية فى بلد مش ناقصة.
٧- لتخفيف الحمولة الأمنية على الداخلية بأن يتم دمج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى يوم واحد لتتمكن من حمايته وتأمينه وإنجاح إجرائهما ثم التفرغ الكامل للأمن الجنائى ولملاحقة الإرهابيين.
٨- لطمأنة المستثمرين فى مصر وفى العالم على استقرار الوضع، فالآن كله ينتظر الدستور، وبعدين كله سينتظر البرلمان، وبعدين كله سينتظر الرئيس، وشعار الجميع لما نشوف إيه اللى ح يحصل.. إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ينهى هذا الشلل.
٩- لتسريع عودة مصر الرائدة عربيا، حيث يعرف الشعب العربى وملوكه ورؤساؤه مع من يتحدثون وكذلك عودة مصر المستقرة أمام العالم دوليا ويصبح لها ممثلوها المنتخبون القادرون على التحدث بمنتهى الثبات والثقة عن ديمقراطية أتت بهم على مقاعدهم فيقطع على الغرب مؤامراته، أو على الأقل ينهى حججه فى الضغط الاقتصادى أو السياسى.
طيب هل هناك عوائق قانونية أو إجرائية أمام هذه الخطوة؟
إطلاقا..
سألت وناقشت مطولا المستشار حاتم بجاتو رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا بحكم خبرته كأمين للجنة العليا للانتخابات الرئاسية هل هناك مانع دستورى أو قانونى؟
فأجابنى أنه لا مانع على الإطلاق.
فسألته هل نحن قادرون على إجرائهما فى يوم واحد؟
فأكد المستشار حاتم بجاتو أن هذه الخطوة ممكنة بكل المقاييس، فضلا عما قاله لى أنه يؤيدها تماما. وأضاف بأن الأمر يتطلب إعلانا دستوريا مكملا يقرر هذه الخطوة التى لا تخالف خارطة المستقبل التى اعتمدها المصريون فى ثلاثة يوليو، بل تضمن تبكيرا واختصارا مطلوبا للوقت.
ثم سألت وتباحثت كثيرا مع اللواء رفعت قمصان، وهو المدير السابق لإدارة الانتخابات فى وزارة الداخلية وخبير الانتخابات بالأمم المتحدة، هل هناك أى عوائق أو معوقات لإجراء الانتخابات فى يوم واحد، سواء طريقة التصويت وعدد اللجان والصناديق وعمليات الفرز والإشراف القضائى، فجاءت إجابته قاطعة بإمكانية واسعة وعظيمة لإجراء الانتخابات معا، خصوصا لو كانت الانتخابات البرلمانية بالنظام الفردى إلى حد أننا يمكن أن نعرف رئيسنا المنتخب قبل منتصف الليل.
أيها الإخوة المواطنون..
أيها السياسيون..
أيها المسؤولون..
من فيكم قلبه على مصر فيفعلها ويحسمها وينقذ بلدنا من ضياع الوقت وتضييع الفرص وتبديد الطاقة وتيئيس الهمة.
الحل هو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معا وغير كده استكمال للبزرميط الذى نعيشه.