قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا وهو يجد أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ” . رواه الحاكم في صحيحه
وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا لمودة أو قرابة بينهما فقد خان الله ورسوله والمسلمين
هل تذكر أعضاء مجلسي الشعب ( المنحل ) ، الشوري الذي سينحل هذا الحديث للنبي الكريم وذلك القول للخليفة العادل قبل أن يختاروا أشخاصا لا يعرفونهم وأسماءا أمليت عليهم من مكاتب ارشادهم أو أحزابهم أو قبل أن يختاروا أعضاء الجمعية التأسيسية ؟!!!!
وهل كانت الطريقة التي جرى بها اختيار عضوية الجمعية التأسيسية يمكن أن ترضي الله ورسوله ؟!!!!
ففي تاريخ اليوم المحدد لانتخاب الجمعية التأسيسية 12/6/2012 ، ويمكن لأي مدقق أن
يلاحظ تحديد هذا التاريخ قبل يومين سابقين من حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في 14/6/2012 بعدم دستورية القانون الذي جرى على أساسه انتخاب مجلس الشعب وترتب عليه حله كاملا ، فيما يمكن أن يطلق عليه بلغة القانونيين فترة الريبة ، حيث كان كل رجال القانون ــ من غير المكابرين ولا أصحاب الهوى ومن يفتون على الهوية ــ أن حل المجلس قادم لا محالة .
فكان ما جرى توزيعه في ذلك اليوم على الناخبين من أعضاء الاجتماع المشترك من المنتخبين بمجلسي الشعب والشورى ، لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية هو كتيب يتضمن أسماء الف وثلاثمائة وثمانية مرشحين حيث طلب منهم انتخاب مائة عضو ممن تضمنهم هذا الكتيب .
وتبين لكل من طالع هذا الكتيب أنه : وردت به معظم أسماء المرشحين مجهلة بالأسماء الثنائية
لم يتم ذكر إسم الشهرة أو وظيفة المرشح أو الجهة التي قامت بترشيحه
لم يتم ارفاق او توزيع السير الذاتية للمرشحين أو ما يفيد مؤهلاتهم العلمية أو تاريخهم المهني ، أو جهودهم الفقهية والبحثية إن كانوا من رجال الدين ، أو اسهاماتهم الفكرية أو الإبداعية أو الوطنية التي تؤهلهم للمشاركة في صنع دستور البلاد
لم يرد بالكتيب وظيفة المرشح
لم يجر ارفاق ثمة صور شخصية للمرشحين
لم يتم تصنيف المرشحين على أساس تخصصاتهم أووظائفهم او اتجاهاتهم الفكرية او الجهات التي رشحتهم من نقابات أوهيئات كالأزهر الشريف أو الكنيسة المصرية أو حتى على أساس أبجدي أو غير ذلك من طرق التصنيف
بعضهم كتبت أسمائهم متضمنة تجهيل فادح وفاضح للشخص واسمه المعروف به ومكانته العلمية أو الفكرية أو الدستورية والقانونية .
وفي ذلك اليوم المشئوم جرى املاء اسماء محددة على الناخبين المنتمين للأحزاب المشكلة للأغلبية النيابية في الاجتماع المشترك فيما عرف بالورقة الدوارة التي جرى توزيعها على الناخبين حتى أن وسائل الاعلام المختلفة نشرت أسماء الأعضاء المنتخبين قبل بدء اجراءات الاقتراع والفرز .
وكان الأمر على هذا النحو يكشف في وضوح أن الناخبين من أعضاء مجلسي الشعب والشورى ، لم يكونوا على علم أو دراية كافية بالمرشحين المعروضين عليهم ليختاروا من بينهم مائة عضو يوكل اليهم المهمة السياسية الأخطر في صياغة مستقبل مصر بعد قيام ثورتها المجيدة ، وخضع المشاركون في الاختيار لأغلبيات سياسية واملاءات حزبية وتوافقات وتربيطات انتهازية بغير ادنى اعتبار لصالح الوطن ، ومن ثم بدا الأمر وكأنه الهزل في مواضع الجد ، والهزر في مواضع الخطر
فكان ما ترتب على ذلك من الوجهة القانونية والدستورية أن اجراءات انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية شابها البطلان إذ أجريت بغير التزام بأحكام القانون وقضاء المحكمة عند حل الجمعية الأولى فلم يجر وضع الضوابط والشروط اللازم توفرها فيمن يرشح نفسه لعضوية الجمعية التأسيسية ولم تكشف لجمعية الناخبين فيها مدى تأهيل كل مرشح للاشتراك في وضع الدستور ، وجرى اختيار منتخبين من بين ذات الناخبين .
وكان ما ترتب على ذلك من الوجهة الأخلاقية والدينية أن هؤلاء الذين اختاروا وقد تولوا عن المصريين هذا الاختيار ، إذا بهم لا يولون لعلم أو كفاءة أو رأي أو فكر فيختارون الأصلح لوضع دستور مصر ، وإنما انحازوا إما لمن لا يعرفون طاعة لحزب أو جماعة أو فضلوا من يعرفون ممن لا يستحق على من يعرفون ممن يستحق مودة أو محاباة أو زلفى ، فكان قوام الاختيار على سند من معايير طائفية وحزبية وشخصية ضيقة ، فإذا بهم يتركون هامات وقامات دينية وقانونية ودستورية وفكرية وادبية ومجتمعية وعلمية ومهنية لحساب أسماء مجهولة شكلت ما يزيد عن نصف أعضاء الجمعية وهم لا دراية لهم بمعنى ومفهوم الدستور ولاتاريخ لها في نضال أو دفاع عن الحقوق ، ولا اسهامات لهم في ابداع أو فكر أو رأي .
وإن ننسى لا ننسى ما هو ثابت فيما نشر مكتوبا ومرئيا عن اجتماعات أجريت بين المجلس العسكري والأحزاب السياسية لاقتسام حصص وتوزيع غنائم ، فكان أن حددوا معايير طائفية وحزبية بتخصيص نصف المقاعد لما عرف باسم اتجاه الاسلام السياسي ، ونصفها الآخر لكافة هيئات ونقابات وقطاعات الدولة ومعهم ما عرف بالتيار المدني ، كما تم الاتفاق على تخصيص تسع وثلاثين بالمائة من عضوية الجمعية للأحزاب ، على الرغم من أن عدد المنضمين للأحزاب السياسية في مصر لا يجاوز خمسة بالمائة من الشعب المصري بأي حال من الأحوال ، في الوقت الذي حرمت فيه طوائف عديدة من المصريين من حق تمثيلهم في الجمعية التأسيسية وفق معايير جائرة جرى الاتفاق عليها بليل .
فهل كان ما كان خيانة للأمانة ، أم خيانة للوطن ، أم خيانة لله ورسوله ، أم خيانة لكل هؤلاء وهل كان تأثير ما جرى من اختيار كبيرا على الجمعية فمال ميزان الجمعية وعطل نصفها الجاهل نصفها العاقل سؤال يحتاج الى اجابة أمينة من النصف العاقل ؟!!!!