مجموعة سعودي القانونية

يدخل الكاتب محمد سيد عبدالرحيم فى اشتباك إنسانى عبر مجموعته القصصية “الحبس” فى محاولة لرصد المشكلات العادية التى تضع أصحابها فى خنادق ضيقة يبحثون من داخلها عن بقائهم الإنسانى من خلال لغة حية تقفز فوق كل الجمل التقريرية ليصنع عالمًا له خصوصيته.

“الحبس” صدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، بعد فوزها بالمركز الأول بالمسابقة الأدبية المركزية للهيئة، وهي مجموعة قصصية تتراوح قصصها بين الماضي والحاضر بين العصر المملوكي والقرن الواحد والعشرين، وتتناول فكرة الحبس الجسدي المادي أو الحبس الفكري المعنوي.

ويتجاوز عبدالرحيم، فى مجموعته الصور التقليدية للأحداث والشخوص، فهو يستطيع بمهارة أن يسحبك معه إلى عالمه الخاص لتتوحد مع شخوصه عبر لغة رشيقة دون ثرثرة، ليمتعك بتفاصيل وأسرار تشعر وكأنك تتعرف عليها للمرة الأولى من شدة بساطتها.

والمجموعة القصصية “الحبس”، نشيد إنسانى يتلوه كل منا فى سره للخلاص من أسر القيود التى تكبل إنطلاق الأرواح الهائمة فى عالم رتيب صنعه الإنسان منذ الأزل، وهو يقترب ليلمس الوجع المتراكم داخل النفس، ليجعلك تشعر أنك تعرف شخوص المجموعة بل تصل لمرحلة تدرك فى لحظة أنك أحد أبطالها المهمومين بشكل أو بآخر.

وفى “مدن العدم” يرصد بدقة كل التفاصيل التى تعبر بحياتنا، يمر بأصابع مدربة على حالة الغياب والوحشة التى تحضر فى أشد حالات الاستحواذ والفرح، ليؤكد أن الإنسان عادة كائن مهزوم ينقصه شئ ما، وأن لحظة الشعور بأنك تصل لذروة الامتلاك هى الخطوة الأولى فى طريق فقد تلك اللحظة، “ضحكت فظهرت أسنانها اللبنية على ضوء القمر المكتمل، اقتربت منه حتى التصقت به، أحطها بذراعيه ثم قبلها، لم تمانع، ولن تمانع أيضا إذا تها ولو يجدهما أحد، ولكن ستمانع إذا رآها أحد فى هذا الوضع المتفرد”.

ولم ينس عبدالرحيم، أن يذكرنا أن الموت عادة يتحول إلى أصل الأشياء فيختتم “النص” بعبارة: “كانت تلك اللحظة التى استسلم فيها للهذيان وللموت. تصارع كلاهما للاستحواذ عليه، ولكن الموت دائما هو الأحذق. فى اليوم التالى وجدته سفينة للصيد جالسا كرائد فضاء يوجه مكوكه نحو العدم، بينما يسرا ممدة خلفه على شكل نجمة خماسية”.

محمد سيد عبد الرحيم، كاتب قصة ومترجم وسيناريست، يعمل محررًا ومترجمًا بوكالة أنباء الشرق الأوسط، صدرت له مجموعة قصصية بعنوان “الخوف من ومضة” عام 2009 وفازت بالمركز الأول بمسابقة ورقة وقلم.

نشر المؤلف العديد من القصص والترجمات بالصحف والمجلات وصورت ستة أفلام من تأليفه عرضت في عدة مهرجانات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *