مجموعة سعودي القانونية

عندما كتب السبكى عن فض اعتصام رابعة والنهضة

لوجو-الحقوق

المكان: اعتصام النهضة

قاده القدر بأن يقود أول مدرعة تقتحم اعتصام النهضة، ويصبح أول انقلابي يقتحم ويشارك في فضه، بفخر وجه طلقاته في قلوب المعتصمين الفارين من قسوته، لم يهتم بصراخ وعويل الأمهات على أبنائهم الذي يملأ الميدان، الجميع يفر من أمامه لكنه يلمح أحد المعتصمين يجلس خارج خيمته يحتضن زوجته وأبنائه لم يهرب لأنه أدرك أن النهاية واحدة داخل الخيمة أو خارجها.

صوت المدرعة التي يقودها الانقلابي النقيب محمد محمود عبد العزيز يقترب من الخيمة، “لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله”، ينطقها ذلك المعتصم وأولاده في كل ثانية من لحظات معدودة في عمره، لكن أمل الحياة جعله يكتم أنفاسه ربما لا تدركه عجلات المدرعة التي تدهس ما تجده إنسانا كان أو جمادا، وفجأة اقتحمت المدرعة خيمته، وقرار موته لم يستغرق ثواني، فأطلق عليه النقيب الرصاص بدون أي إنذار أو تحذير ليسقط قتيلا وسط أبنائه وزوجته، رحل وأولاده يدركون أن الانقلاب قتل والدهم وأنه سقط شهيد الإسلام.

•••

المكان: ميدان رابعة

وصفوه بأنه ملاك الرحمة يضعف أذا سمع آهات مريض لكن الطبيب قرر أن يحمل سلاحا ليس مشرط ليفتح جرح مريض ولكن سلاحا ليجرح جنديا بريئا كل ذنبه أنه رفض أن يترك وطنه يحكمه إرهابيون، عبد الله عبد الرازق طبيب ترك مرضاه ليرفع سلاحا في وجه جيشه، سد أذنه عن آهات وأوجاع أنصاره من التكفيريين تاركا إياهم في المستشفى الميداني وظل يقاتل بجوارهم.

يؤمن أن اعتصام رابعة ليس معركة على السلطة لكنها معركة الشريعة، وعندما أرهقه الجهاد جلس بجوار زميله ونظر جثة جندي وبصق عليها وهتف “قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار”.

•••

قصتان بقلم السبكى عندما كتب عن فض اعتصام رابعة، أنصحك ألا تبحث عن انتماء السبكى وأيضا لا تقلق ستجد ما تريده في قصصه، فالقصة الأولى لك عزيزي الإخواني والثانية كتبها لمؤيدي 30 يونيو.

خدعوك عندما قالوا لك، إن السبكي مدرسة سينمائية فقط فهناك تلاميذ له في الصحافة يكتبون “على كيف كيفك” محترفون في “الصحافة الديلفيري” شعارهم “القارئ دائما على حق”.

•••

القصص قبل التعديل والمونتاج والديسك

المكان أحد مستشفيات لندن

على فراش الموت يرقد النقيب محمد محمود عبد العزيز يعلم جيدا أنها اللحظات الأخيرة في حياته لكنه ذاق الموت من قبل فاعتاد عليه، ينظر إليه والده باكيا يسأله بعينه دون كلمات هل أنت جان أم مجني عليه؟ ليجيبه قبل رحيله بدقائق إجابة لا شك في صدقها لأنه يعرف جيدا أنه سيكررها مرة ثانية ولكن هذه المرة ليس أمام بشر مثله.

بدأت القصة عندما تم تكليفه بقيادة أول تشكيل يقتحم اعتصام النهضة، وقاد أول مدرعة حتى وصل إلى كلية الهندسة وسط قنابل الدخان الكثيفة، لمح أحد المعتصمين يجلس مرتعشا ومعه زوجته وأطفاله فاقترب منه وقال له “امشي وخاف على أولادك وزوجتك”، وفجأة أصيب مجند من مجموعة ذلك الضابط فأسرع لإنقاذه وأدار ظهره للمعتصم الذي سارع في توجيه طلقات سلاحه، وهو يهتف “كافر تحارب الإسلام”.

سقط النقيب على الأرض ينازع الحياة وتحسس سلاحه الميري واستعد للانتقام، وتبقت لحظات ويثأر النقيب لكن دموع الأطفال منعته، رفض أن يعيش هؤلاء الصغار ومشهد قتل والدهم في ذاكرتهم ليرحل بعد رحلة علاج فاشلة في لندن.

•••

المكان: ميدان رابعة

قالها وتصور الحاضرون إنه يبالغ، لكنه أقسم أنه جاد في حديثه خلال اجتماع حزبه مصر القوية، وأعلنها صراحة أنه يرفض اعتصام رابعة لأن نهايته دم، ولكنه سيكون أول الضحايا لو تم فضه بالقوة.

رفضه لـ3 يوليو جعل الإخوان يعتقدون أنه في صفوفهم، تناسوا أنه كتب على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي وهم على كرسي الحكم (الشعب اللي انتخب مرسي انتخبه رئيس لدولة ولو رئيس الدولة مش عارف يمشي الدولة وبيستعين بجماعة من بره عشان يحموه ويبقى رئيس فاشل يمشي الدولة بمؤسساتها يا نجيب حد تاني يمشيها.. نقطة..هو ده العقد اللي بيننا وبينك).

لخص الطبيب عبد الله عبد الرازق أزمته في الدم وليس كرسي الحكم أو الجالس عليه أعلنها قبل فض الاعتصام بأيام معدودة على صفحته “وللمرة الثانية أنا مش من معتصمي رابعة ولكن إذا تم فضه بالقوة فسيكون على جثتي فليس للحياة أي قيمة إن حدث حقيقي وليس هتش” .

حانت لحظة تنفيذ وعده وبدأ فض الاعتصام وقرر الطبيب النزول ليس في ساحة القتال، فمن يرفض الدم يرفض أن يكون مصدره ويحمل سلاحا، ولكن توجه كعادته طوال أحداث الثورة إلى المستشفى الميداني يعالج المصابين ولا يمانع في علاج عسكري شارك في الفض الذي يرفضه، وأثناء انشغاله في علاج أحد المصابين تلقى خبر إصابة زوج أخته فخرج مسرعا خارج المستشفى لكنه خرج بلا عودة وأصيب بطلقة أثناء محاولته إنقاذ قريبه تاركا كلمات معدودة على صفحته قبل موته بلحظات “عمر الباطل قصير جدا جدا إنما النصر صبر ساعة ‫#‏رابعة ‫#‏النهضة”.

•••

• إعلام السبكي ” إعلام يعرف قارئه” إعلام يحول لك المتهم بريء والضحية إلى جلاد، إعلام لا يقدم لك الحقيقة التي تحدث في الواقع، ولكن يقدم لك ما يحدث في خيالك وتصوراتك.

• إعلام السبكي يكتب عن ضحايا “تفصيل على مقاسه”

• لا إعلام حر طالما القارئ لا يبحث عن حرية

• ما زالت تتهم السلطة بأنها تجيش الإعلام لصالحها، أبحث معك عن سلطة في العالم والتاريخ تريد أعلاما حرا، القارئ هو من يجبر الإعلاميين والسلطة على خلق إعلام حر.

• عندما تتحدث مع السبكي عن رخص أفلامه يحدثك عن إيراداته “الجمهور عايز كدا يا بيه”، وعندما تسأل سبكية الإعلام عن عدم مهنيتهم يتفاخرون بأرقام توزيعهم ونسب مشاهدتهم، عزيزي القارئ أنت من صنعت أعلام السبكي وأنت من تقضي عليه.

• عزيزي القارئ لا تطلب منا أن ننتصر في معركة المهنية وأنت لا تحارب معنا.

• رسالة أخيرة إلى القاري المسيس أن لا تريد إعلاما ينقل لك الحقيقة أنت تريد إعلانا لأفكارك.

• يقولون أننا سحرة فرعون في كل العصور قل لهم ومن صنع الفرعون؟!

•••

* كاتب هذا المقال أستغرق شهرا في البحث عن قصص لضحايا أبرياء في فض اعتصام رابعة والنهضة وتم توثيق الأحداث بشهادات أقاربهم وزملائهم، وفي بعض الأحيان أعدائهم حتى لا ينضم هذا المقال لفئة مقالات السبكي.

المصدر: الشروق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *