تذكر دائما أنك لست ملاكا .. وأنت كمحام سوف تتعرض في كل يوم وساعة لضغوط وعوامل كثيرة تؤثر في عملك وسلوكك ، وتصرفاتك ، والأخطاء تحاول أن تلاحقك وتعرض نفسها عليك قي كل وقت وحين ، ولا أستطيع وان أمد اليك يد النصيحة أن أطلب منك أن تتجنب الاخطاء جميعها ، لا معنى لطلب ذلك الا أن تتجنب العمل .. وتتجنب الحياة ، وتتجنب التعامل مع بشر يدفعونك للخطأ أو يدفعونك عنه ، وهذا مستحيل ، ولكن إن كان لا مفر من أن ترتكب الخطأ فليكن من الاخطاء التي لا عمد فيها ولا اصرار، فان اخطأت عامدا فليس الا لهدف اسمى وغاية انبل ، ولا تصر على الخطأ فيصبح الخطأ خطيئة … لتكن فاضلا حتى حين تخطئ .
والفضيلة قد تعنى في وجه منها نقاء القلب ونقاء الضمير الذي المحنا اليه قبلا في رسائل سابقة ، ولكنها تعني في وجه آخر قوة دافعة فى النفس تهيئ لها أسباب النصر على مغريات الحياة وسيطرة دوافع النفس الإنسانية في اتجاه الأنانية والغرائز المادية ، فبالفضيلة تسعى الى الخروج من دائرة ذاتك ، وتحيا قليلا من أجل غيرك ، فتهتم بالأخرين قدر ـ أو بعض ـ اهتمامك لنفسك ، اذا اكتلت على الناس وفيت بالمكيال ، واذا كلتهم أو وزنت لهم كنت مقسطا في الكيل والميزان .
وليس معنى ذلك أن تعيش للناس فلا تكسب أو تربح ، فتكون عالة على الناس .. ولكن لتكن أفعالك دوما فاضلة .. ولأضرب لك مثالا يرتبط بعملك في المحاماة : إذا جاءك من يوكلك في قضية تربح فيها الف جنيه وآخر يوكلك في قضية تربح فيها مائة الف جنيه ، فلست مجبرا أن تقبل القليل وترفض الكثير ، ولتقبل ما شئت ولترفض ما شئت لكن إن قبلتهما معا لما لمست فيهما من حق ستناضل عنه ، حينئذ صار واجبك وفضيلتك ان تنهض لهما معا بنفس العزم وتبذل لهما نفس الجهد وان لم يستو الأجر .