ضجة الفتاوى الدينية الكبرى التى ثارت حول تحريم أو شرعية الحصول على قرض صندوق النقد الدولى فى ظل حكم الإخوان يبدو أن الغرض منها تغييب وإلهاء الناس عن الهدف الحقيقى، وهو مساعدة الرئيس مرسى وحكومته فى خطة تنفيذ شروط الصندوق للموافقة على القرض قبل أن ينتهى الموعد المحدد له فى نهاية ديسمبر المقبل.
الكلام الذى يتردد وبقوة حاليا حول عزم الحكومة رفع الدعم عن البنزين وباقى أنواع الوقود ورفع أسعار البوتاجاز هو تطبيق حرفى لشروط صندوق النقد المطلوب تنفيذها من أى دولة ترغب فى الحصول على قروضه، فالصندوق له استراتيجية واضحة منذ تأسيسه ولا تعنيه ظروف وأحوال تلك الدولة ولا ينظر بعين العطف أو الرحمة عند منح القروض، ولا يهتم بالثورة أو بالربيع أو بالرئيس المنتخب، وتجارب الدول التى دخلت حظيرة الصندوق وخضعت لشروطه ومنها مصر طوال الأربعين عاما الماضية ذاقت الأمرين ودفعت شعوبها الفقيرة الثمن غاليا.
ومنذ الزيارات المتكررة لبعثة الصندوق بعد الثورة حذرنا من النتائج المترتبة على قبول الشروط التقليدية والمعروفة للصندوق للدول الراغبة فى الحصول على القروض منه، لأنها دائما زيارات مشؤومة تصحبها حزمة من القرارات الحكومية برفع الأسعار ولا يتحملها سوى الشرائح الاجتماعية الفقيرة فى المجتمع، ومع ذلك خرج علينا فقهاء الإخوان وجهابذة الجماعة كالعادة بالفتاوى المبررة للقرض تحت دعوى فقة الضرورة، ودافعت الحكومة أيضا عنه وزعمت أن الصندوق سيكون رحيما ودودا صديقا لمصر وسيتخلى عن شروطه من أجل سواد عيون السلطة الحاكمة الجديدة.
حكومة الدكتور قنديل التى تعمل بلا برنامج أو رؤية اقتصادية واضحة، مجبرة على تنفيذ روشتة الصندوق وشروطه إذا أرادت القرض، ولا تجد بديلا عنه، والبداية لن تتوقف فقط عند خطة رفع أسعار الوقود، بل ستمتد إلى تحرير سعر الجنيه المصرى أو تعويمه والعودة مرة أخرى لسياسات الخصخة تحت شعار هيكلة وإصلاح الاقتصاد، وهو الشرط الذى لا يتنازل عنه الصندوق أبدا بحجة المساعدة الفنية والمالية فى عملية الهيكلة.
وبغض النظر عن الغرض المعلن من الحصول على قرض الصندوق وهو دعم الاحتياطى النقدى بالبنك المركزى، فالأغراض تتعدد وتتغير والشروط واحدة وثابتة.
التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للقرض وشروطه قد تتجاوز حدود الخروج فى مظاهرات فئوية إلى غضبة الفقراء الذين كانوا القوة الداعمة والفاعلة فى ثورة يناير.