لدينا أزمة كبرى فى ضمير الموظف العام عند أدائه لوظيفته الحكومية، وفى هذا المجال لا أتحدث عن كبار المسئولين ولكن أتحدث عن ذلك الموظف التقليدى الذى يتعامل يومياً مع الجماهير ويتعين عليه تقديم خدمات مختلفة للناس مقابل أجر معلوم تدفعه له الدولة.
هذا الموظف يقدم خدمة مقابل أجر، وفى بعض الحالات يكون الأجر ليس هو المحرك الرئيسى أو الدافع الأساسى الذى يحرك ضمير هذا الموظف العام.
مثلاً، أى أجر فى الدنيا يساوى قيمة ما يقدمه رجل الإطفاء حينما يلقى بنفسه فى النار لإنقاذ المواطنين؟
أى أجر فى سلم المرتبات يساوى رجل أمن الدولة الذى يواجه الإرهاب أو دور الطبيب الجراح الذى ينقذ حياة عشرات المواطنين يومياً؟
بعض من يؤدون الوظيفة العامة يؤدونها لأنهم يعتبرونها رسالة إنسانية، وهؤلاء هم القلة المحترمة التى تدرك معنى خدمة الدولة.
الأغلبية فى جهاز الدولة البيروقراطى يعتبرون الوظيفة العامة مجرد منحة بطالة من الدولة التى لا تعطيهم ما يحل مشاكلهم المادية ولا يفى باحتياجاتهم الحياتية.
هؤلاء يعملون بمنطق «على قد فلوسكم»!
وهؤلاء هم الذين أثبتت دراسات هيئة التعبئة والإحصاء المصرية أن متوسط عمل الموظف الحكومى فى مصر يبلغ 47 دقيقة فى اليوم!
هذا كله لا بد أن يوضع على طاولة البحث ونحن نحاول الآن تحقيق الخدمات العامة التى تقدم للمواطنين فى الصحة والتعليم والمرافق العامة.
وليس غريباً أن يفاجئ رئيس الحكومة النشط المهندس إبراهيم محلب، وهو يقوم بزيارات دائمة مفاجئة لمرافق الدولة وعلى رأسها المستشفيات والمصانع الحكومية، عدم الانضباط والإهمال والفوضى والتغيب عن العمل والفساد الإدارى.
هذا الوضع لا يكفى فيه التعامل بمنطق الحزم والشدة ومنطق الثواب والعقاب المتعارَف عليه إدارياً، ولكن أيضاً يحتاج إلى إحاطة كاملة بنظام العمل بجميع تفاصيله، الذى يخلق من الموظف العام موظفاً غير منتمٍ بصدق وإخلاص وغير قادر على أداء مهمته بالكفاءة والجودة المطلوبتين.
لماذا يكره المواطن الدولة؟ ولماذا ينضبط عندما يعمل فى القطاع الخاص ويهمل حينما يعمل فى القطاع العام؟