أعلن رئيس وزراء كوريا الجنوبية استقالته، أمس الأول، وقدم اعتذاراً مهيباً للشعب الكورى بسبب غرق عبّارة سياحية كورية ووقوع ضحايا.
وجاء رد فعل الرأى العام الكورى فور غرق العبارة شديداً، ليس على الغرق، ولكن على فشل جهود السلطات فى البلاد فى سرعة إنقاذ الركاب الذين فقدتهم -حتى الآن- أكثر من ثلاثمائة رجل وامرأة وطفل.
وتؤكد التقارير المحايدة أن سبب إخفاق أجهزة الإنقاذ الكورية هو سوء الأوضاع الجوية فوق منطقة الحادث وانعدام الرؤية وارتفاع الأمواج بشكل عاصف غير مسبوق.
ورغم أن العائق الأكبر هو الظروف الطبيعية فإن رئيس الوزراء تقدم باستقالته فى مؤتمر صحفى عالمى إلى رئيسة الجمهورية، وتقدم باعتذار مؤثر إلى أسر الضحايا، وإلى الشعب الكورى.
ورغم ذلك فإن رئيسة الجمهورية قبلت استقالة رئيس الوزراء وطلبت منه البقاء هو وحكومته لحين إتمام كل إجراءات ملف العبّارة ودفن الضحايا الذين سيتم التعرف على جثثهم.
هذا هو الموقف المسئول من المسئول التنفيذى الأول، حتى لو لم يكن مسئولاً بشكل مباشر، ولكن مسئوليته الأدبية والأخلاقية أن هذا الحادث الإنسانى المؤلم حدث فى ظل حكومته.
فى مصر والعالم العربى، لا يتقدم المسئول باستقالته فى مثل هذه الحالات، بل نسمع عبارات: «الأعمار بيد الله»، و«وهو يعنى رئيس الحكومة والوزراء ذنبهم إيه؟!».
من هنا يتعين علينا أن ندقق فى مفهوم «المسئولية» العامة ونقول إن لها أبعاداً أكبر من تعريفها القانونى أو الجنائى لكى تتسع لتصل إلى المسئولية العامة من ناحية المفاهيم الأخلاقية والسياسية.
قد يكون رئيس وزراء كوريا الجنوبية قد فقد منصبه الهام الذى وصل إليه عبر تاريخ طويل من العمل السياسى، والاستحقاقات التى جاءت عن جدارة، لكنه بالتأكيد فعل الصواب وحصل على احترام مواطنيه.
ليس مهماً أن تبقى طويلاً فى المنصب، ولكن الأهم أن تتركه بكل احترام للنفس وللمنصب.