عماد الدين أديب يكتب | الموقف الخارجى يتغير نسبيًا
وإذا صحت التصريحات المنسوبة للممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبى كاترين آشتون خلال زيارتها للقاهرة نهاية الأسبوع الماضى، فإن الموقف الأوروبى ربما يكون تغير إلى حد ما، واقترب خطوة أكبر من 30 يونيو وابتعد خطوة مماثلة عن جماعة الإخوان.
بطبيعة الحال فإن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة لا تسير أو يتم صناعتها بالصورة المعهودة فى العالم الثالث والمتخلف، بل هى تتغير ببطء شديد وتلعب فيها المصالح وليس الأشخاص الدور البارز والأهم.
وبالتالى فإن التحليلات التى ترجع برودة العلاقات المصرية الأمريكية مثلا إلى أن أوباما عضو فى مكتب إرشادالإخوان ينبغى التعامل معها باعتبارها فاصلا كوميديا ليس أكثر.
الدلالات الرمزية لزيارة آشتون كثيرة وأهمها أنها لم تقابل أنصار جماعة الإخوان كما أنها التقت المرشح عبدالفتاح السيسى ولم تلتق منافسه المرشح حمدين صباحى، وحتى إذا كان السبب هو «لخبطة المواعيد وزحام القاهرة المرورى»، فإن الدلالة الرمزية تظل ثابتة وهى ان اوروبا صارت موقنة ان السيسى هو الرئيس المقبل.
من الواضح أن أوروبا وأمريكا انتقلوا من نقطة معارضة ترشح السيسى إلى موقف الانتظار ورؤية ما سيحدث على أرض الواقع بل وربما النقاش بشأن شكل المستقبل.
بذل الغرب كل الجهد لمنع ترشح الرجل، خصوصا عبر الضغط على بعض العواصم الخليجية الداعمة للقاهرة، لكن من دون نتيجة. وبالتالى انتقلوا إلى التعامل مع الواقع على الأرض حفاظا على مصالحهم وخوفا من خسارة مصر لفترة طويلة.
الذى حدث فى الموقف الغربى ليس تغييرا دراميا لكنه بعض الليونة، بمعنى أنهم لا يمانعون فى ترشح السيسى أو فوزه، ولكنهم سيرون ماذا سيفعل الرجل وحكومته الجديدة على الأرض، والمعلومات المتوافرة أن الغرب تلقى تطمينات قوية جدا بأن السيسى سيدعم حقوق الإنسان وحرية التعبير وسينظر فى وقف ملاحقة الإعلاميين طالما أنهم غير متورطين فى قضايا دعم الإرهاب.
لكن تظل النقطة العالقة الأبرز بين الطرفين هى كيفية التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين بعد فوز السيسى، وكذلك مدى التداخل بين عمل الجماعة السياسى والسلمى «كما تدعى»، وبين دعمها بل وتورطها فى عمليات إرهابية كما تؤكد وتصر الحكومة وأجهزتها.
الإشارات الإيجابية الخارجية للحكومة الجديدة لم تكن قاصرة فقط على الغرب، بل جاءت من الجنوب أيضا من أفريقيا عبر اللقاءات المتعددة لوفد الاتحاد الأفريقى بقيادة الرئيس المالى الأسبق الفا عمر كونارى مع الرئيس المصرى والمرشحين الرئاسيين وكبار المسئولين المصريين وبعض انصار الاخوان، ومما تسرب أن الاتحاد الأفريقى سوف يعيد عضوية مصر بصورة شبه كاملة عقب إجراء الانتخابات الرئاسية فى مايو المقبل.
وعربيا أيضا فهناك تقارير كويتية منسوبة لوكيل وزارة الخارجية خالد الجارالله مفادها أن قطر ستخفف من حدة دعمها المطلق لجماعة الإخوان لكى تتفادى الغضب الخليجى.
إذا صحت هذه التسريبات فإن الحكومة الجديدة ورئيسها المنتظر ستتلقى جرعة أكسجين كبيرة قريبا، لكن القضية الجوهرية أن الدور الخارجى ورغم أهميته إلا أنه يظل عاملا ثانويا بعد العامل الرئيسى وهو الداخل.
والمعادلة باختصار صارت كالتالى: إذا تمكنت الحكومة من إعادة الأمن والاستقرار وتحقيق حد أدنى من التوافق الشعبى خصوصا بين قوى المجتمع الرئيسية فإن الخارج ــ وبغض النظر عما يريده منا ــ سوف يرفع القبعة ويحترم الواقع الموجود على الأرض.