أحد أقاربى الأعزاء الذى تربينا على يده وعلمنا أنا وإخوتى الكثير من مبادئ الحياة اسمه العم صلاح.
العم صلاح هو الآن اللواء متقاعد صلاح اليمانى، أحد أبطال سلاح الدفاع الجوى أثناء حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر.
يحمل العم صلاح داخل جسده أوسمة عديدة هى مجموعة شظايا استحالت الجراحة أن تستخرجها، لذلك عاش يحملها بكل فخر وصمت.
ظل العم صلاح يستمع إلى مناقشاتنا السياسية المحتدمة دون أن يعلق بكلمة واحدة، وظل متمسكاً بهذا الصمت لسنوات طويلة.
المرة الوحيدة التى سمعته يخرق هذا الصمت كانت حينما طرح موضوع من هو رئيس مصر القادم، ودون أن يدخل فى تفاصيل السياسة المعقدة قال العم صلاح عبارة بسيطة لكنها بليغة ومعبرة للغاية.
قال العم صلاح: «انتو عارفين مصر عايزة إيه؟».
نظرنا إليه فى اهتمام وإنصات حتى قال: «مصر محتاجة رئيس يحبها أكثر مما يحب مصلحته».
توقفوا أمام هذه العبارة جيداً لأنها تلخص مسألة تضارب مصلحة الحاكم الخاصة مع مصالح الوطن العليا.
إذا فكر الحاكم فى مصالحه، وهو أمر إنسانى وطبيعى، ووضعها فوق مصلحة الوطن فإنه يكون بذلك قد فقد الرسالة الأخلاقية التى يجب أن يتحلى بها الحاكم الصالح الذى يسعى للحكم الرشيد.
أما الحاكم الذى يضع مصالحه أو مصالح حزبه أو جماعته أو «شلته» فوق مصلحة الوطن العليا، فهو هالك لا محالة.
تاريخ الحكام كله يشهد منذ قيام أول دولة فى التاريخ حتى الآن على هذه المعادلة السهلة الصعبة، ورغم ذلك يقع مئات الحكام والمسئولين فى شرك وفخ المصالح الخاصة.