عمار على حسن يكتب | أطفال داعش (1 – 2)
«الأب: هل تريد العودة إلى بلجيكا؟
الابن: لا، لا أريد العودة إلى هناك، لأن بلجيكا بلاد كفر، ويوجد فيها كفار، وفى سوريا توجد دولة الإسلام.
الأب: أتريد أن تكون مجاهداً أم تريد أن تقوم بعملية استشهادية؟
الابن: مجاهداً.
الأب: لماذا تريد قتل الكفار؟
الابن: لأنهم يقتلون المسلمين.
ويصمت الابن برهة ثم يواصل:
– سنقتل كل كفار أوروبا؟
فيرد الأب محذراً كل الأوروبيين:
– سوف نسبى نساءكم كما سبيتم نساءنا، وسوف نيتّم أطفالكم كما يتّمتم أطفالنا».
هذا نص حوار دار على شاطئ نهر الفرات بمدينة الرقة السورية بين أب بلجيكى من أصول مغربية وابنه ذى التسعة أعوام الذى اصطحبه معه ليعيش فى كنف «داعش»، كشفه شريط وثائقى تم تصويره وتسريبه من المناطق التى يسيطر عليها التنظيم فى بلاد الشام.
وذلك الحوار المقتضب يُجلى غموض جانب مما تفعله «داعش» مع أطفال يجهزونهم ليكونوا «مجاهدين» فى المستقبل بمكنتهم أن يسيطروا على كل بلاد العرب والمسلمين ثم يزحفوا فاتحين لأوروبا حتى تسقط فى قبضتهم.
فى الشريط نفسه يقول طفل آخر: «عمرى 9 سنوات وسأذهب إلى المعسكر بعد انقضاء شهر رمضان للتدرب على الكلاشنكوف لنقاتل الروس والأمريكان والكفار».
ويسأله أحدهم:
– هل تعرف كيف تستعمل البارودة؟
– نعم أعرف.
هذه الحوارات القصيرة المخيفة تفرض أسئلة من قبيل: كيف تجرى قصة «داعش» مع الأطفال؟ من أين يأتون؟ وبما يلقَّنون؟ وما دورهم فى القتال؟
يأتى إلى أرض الشام والعراق مقاتلون من مشارق الأرض ومغاربها ومعهم أولادهم، وفى الأرض التى حلوا فيها هناك المزيد من الصغار تهيأوا للتطرف، فالأهل إما أنهم قُتلوا أو خربت دورهم بعد سنين طويلة من العمران ولم يعد لديهم ما يقيمون به أودهم، أو أن قلوبهم ترتجف خوفاً من مقاتلين متوحشين جاءوهم من بلاد غريبة أو نبتوا فى أرضهم إن طلبوا أولاد أهل البلد فليس بوسع أحد أن يرد لهم طلباً، وإلا ذُبح كما تُذبح الشاة.
وتقوم داعش بخطف أطفال المدارس وضمهم عنوة إلى صفوفها، مثلما حدث فى إحدى مدارس حلب، حيث خطف التنظيم 250 طفلاً، فأطلق سراح مائة منهم بعد ساعات من احتجازهم، وأخضع بقيتهم لتعذيب مفرط، فتعرضوا للضرب المبرح بخراطيم المياه وأسلاك الكهرباء، لإجبارهم على تلقى دروس فى الفكر الداعشى، كما أجبرهم متحجزوهم على مشاهدة تسجيلات فيديو لقطع مقاتلى داعش رؤوس الرهائن التى وقعت فى قبضتهم، ومنحوا كل من تميز منهم فى حفظ تعاليم داعش مائة وخمسين ليرة سورية وشريط فيديو يحتوى على هذه التعاليم، وتركوهم ليصيروا إرهابيين محتملين.