مجموعة سعودي القانونية

عمار على حسن يكتب | برنامج «صانع القرار»

دعانى نقيب الصحفيين، الأستاذ ضياء رشوان، الخبير فى مجال النظم السياسية والحركات الدينية، لأنضم إلى فريق تحليلى لبرنامح يقدمه يحمل اسم «صانع القرار» على قناة «cbc extra» فى وقت كنت مغبوناً من انزلاق الإعلام للهرولة وراء الأحداث الجارية بلا عمق، والبحث عن المثير والغريب والخلافى لصناعة ضجيج بلا طحن. وما إن أفصح «رشوان» عن فكرة برنامجه الجديد، حتى وجدنى أقول له بترحاب شديد: «من المؤكد أننى سأكون معك، ومثل هذا البرنامج هو ما كنت أبحث عنه».

وزاد الترحاب حين كشف لى عن بقية الفريق، وهم، مع الأساتذة والدكاترة، نبيل عبدالفتاح، ومختار نوح، ومحمد مجاهد الزيات، وعمرو هاشم ربيع، وخالد عكاشة، وينضم إليهم، حسب الموضوع الذى تتم مناقشته، خبراء ومفكرون آخرون، ووراء هؤلاء معدون محترفون، هم باحثون وخبراء أيضاً، مثل أبوالفضل الإسناوى، وحسام إبراهيم، ومصطفى الجندى، يعكفون كل حلقة على إعداد مادة ثرية وعميقة، وفى بعض الحلقات استضاف البرنامج مواطنين من قلب الأحداث ليقدموا شهادات على الواقع، ويطرحون فى الوقت نفسه تصوراتهم واقتراحاتهم البسيطة لحلول للمشكلات المعيشة.

ولا يقف البرنامج عند مخاطبة الرأى العام أو المساهمة فى تعميق الوعى لدى عموم المصريين، وهذا هو الهدف الأساسى لأى إعلام أو هكذا يجب، بل سيذهب إلى كبار المسئولين فى مكاتبهم، ليضعهم فى صورة الخلاصات والاقتراحات التى انتهى إليها الخبراء من القضايا التى تناولها تباعاً، وذلك فضلاً عما يقول لنا «رشوان» أحياناً من أن بعض الحلقات قد لاقت صدى لدى المعنيين بالأمر، وأنهم ترجموا المفيد مما قيل إلى جزء من قرار أو قانون أو تشريع يتم فيه التأسيس لنظام سياسى بعد ثورة 30 يونيو، سواء من زاوية المؤسسات التشريعية والتنفيذية والإدارية أو التشريعات والقوانين التى تنبع من الدستور الجديد.

يكاد ألا يخلو برنامج تليفزيونى من توجيه انتقادات للمسئولين أو توبيخهم ولومهم عن عدم فعل أشياء أو فعلها من دون إتقان، ويصرخ المذيعون والضيوف، مطالبين أحداً بأن يسمعهم، ويستجيب لما يقولونه إن كان مفيداً، لكن الصراخ كان يذهب مع الريح، ليبقى الأمر على حاله من انفصام تام بين من يفكر ويجتهد ومن يقرر ويدير، لكن «صانع القرار» يفتح الباب أمام برامج تليفزيونية مختلفة، لا تكتفى بلعن الظلام إنما تحاول أن تشعل شمعة.

وبالطبع، فإن الدولة لن تدار من التليفزيون حتى لو كان المتكلمون خبراء ومختصين بارزين، إنما يجب أن يكون لدى كل وزارة وإدارة وهيئة خبراؤها الأكفاء، لكن ما يفعله البرنامج المقصود فى هذا المقام هو مجرد مساهمة، إن لم يستجب لها المسئولون، فإنها تساعد على تعميق وعى الناس، وتدريبهم على المشاركة فى وضع الحلول، وهذا سيراكم فى عقولهم مع الزمن قدرة على الاختيار السليم فى الحياة السياسية والاجتماعية، وقد يلهمهم طرقاً وأساليب فى التفكير تسهم فى تعزيز إمكانياتهم على تجاوز مشكلاتهم الحياتية الخاصة، ففى النهاية العلم بمدخله وليس بموضوعه، وعلى حد قول المثل الصينى الناصع: «أخبرنى سأنسى. أرنى فقد أتذكر. أشركنى سأعى وأفهم»، وهذا ما يحاول برنامج «صانع القرار» أن يفعله من المشاهدين، علاوة على ما يروم إليه من إيجاد استجابة من أى مسئول أو مشرع معنى بأن يبحث دوماً عن الأفيد والأصلح والأنسب لبلدنا فى هذه اللحظة الفارقة من تاريخها المديد.

المصدر:الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *