يُعرَّف الإرهاب بأنه فعل عنيف منظم وسرى ومخطط وذو هدف محدد ذى طابع سياسى وجنائى معاً، ترتكبه مجموعة أو حركة أو تنظيم، ويتم فيه استعمال القوة أو التهديد بها وإثارة الخوف والرهبة، وهو وسيلة للقتال العشوائى لا تحدها قيود إنسانية ولا يمكن التنبؤ بها، قد تكون تكتيكاً أو استراتيجية، تتضمن الإكراه والابتزاز والحض على الإذعان، فى ظل دعاية مدبرة. وضحايا الإرهاب قد يكونون أبرياء من المدنيين غير المقاتلين أو المحايدين غير المنخرطين فى عمليات القتال أو المواجهة المسلحة.
عند حدود هذا التعريف العلمى لا نبالغ إذا قلنا إن هناك أمرين يتعانقان:
1- إن الإرهاب قديم، كفعل وممارسة وطريقة للعنف المنظم المفرط، لكنه كاصطلاح متبلور على النحو المستقر فى متون المعاجم والقواميس والموسوعات السياسية الحديثة، هو مسألة جديدة، ذاع صيتها فى العقود الأخيرة.
2- ليس الإرهاب فعلاً لصيقاً بدين أو مذهب أو ثقافة أو طبقة أو فكر معين، فكثير من الأديان والأيديولوجيات على مدار التاريخ قد أنتجت إرهاباً وإرهابيين، ولغوا فى الدم، وأفرطوا فى التخريب والتدمير، وعاثوا فى الأرض فساداً، متوهمين أنهم مصلحون، أو أبطال يقاومون الظلم والقهر أو ينصرون الدين والفكرة التى يعتقدون فى طهريتها ووجاهتها.
لكن من أسفٍ فإن الحلقة الأعلى صوتاً من الإرهاب فى تاريخ العالم المعاصر ملتصقة بحركات تتخذ من الإسلام أيديولوجيا لها، تتوزع على أماكن ودول عديدة، وانتقلت فى العقد الأخير من المحلية إلى العالمية، عابرة الحدود، ومتنقلة فى القارات الست تحت راية «جهاد الطلب» ووفق شعارات، منها مواجهة «القوى المعادية للإسلام» أو «إقامة الخلافة الإسلامية» أو قتال «العدو البعيد» و«العدو القريب».
ففى الحقيقة فإن ثقافات وأدياناً عديدة عرفت الإرهاب وعانت منه حتى فى أكثر الدول تحديثاً وحداثة مثل اليابان والولايات المتحدة.
ولعل ما تفعله جماعة «الألوية الحمراء» فى إيطاليا أو تلك التى تطالب باستقلال إقليم «الباسك» عن إسبانيا أو جماعة «جيش الرب» المسيحية فى أوغندا، يعطى أمثلة ناصعة على أن الإرهاب ظاهرة عالمية، ولو أبحرنا فى التاريخ البعيد يمكننا أن نبرهن باطمئنان على أن الكل قد عرف الإرهاب، الذى ينفجر حين يختمر التعصب والتطرف ويصل إلى مرحلة الانفجار.
وبالتالى فربط الإرهاب بالعرب فقط، أو قصره عليهم، لا يمت إلى التفكير العلمى بصلة، وإن كان اللبس حول هذه المسألة منبعه أن التنظيمات الإرهابية الأكثر صخباً فى العالم الآن ترفع الإسلام شعاراً سياسياً لها، ونبتت فى حضن البيئة الاجتماعية العربية، التى تتزاحم فيها الأسباب التى تؤدى إلى وجود الإرهاب وتغذيه.