عمرو حمزاوى يكتب | التهمة: عربى.. العقاب: القتل
هى واحدة من اللافتات الكثيرة التى يرفعها هذه الأيام فلسطينيون يسجلون إزاء ضمير عالمى غائب وضمير عربى غائب أيضا رفضهم للممارسات وللإجراءات القمعية التى تستبيح بها سلطة الاحتلال الإسرائيلى المسجد الأقصى، وتنتهك بفعلها حقوق وحريات سكان القدس وسكان كافة المدن والبلدات الفلسطينية فى أراضى ما قبل الاستعمار الاستيطانى فى 1948 وفى أراضى ما قبل استيطان واحتلال 1967.
هى واحدة من اللافتات الكثيرة التى يسير من تحتها طلاب يحملون هويتهم الفلسطينية قبل بطاقات هوية دولة الاستعمار الاستيطانى والاحتلال، ويدرسون فى جامعات مدن فلسطينية عربية لم تسقط من الذاكرة الجمعية أسماؤها الحقيقية وإن شوهتها سلطة الاستعمار والاحتلال، ويقاومون عنف مستعمر ومحتل تتورط قوات أمنه فى قتل بعض الفلسطينيين على الهوية الأصلية وليس تلك المسجلة فى البطاقات أو لمجرد الاشتباه فى الخروج على «القانون» ودون مراعاة لأسس ومعايير العدالة أو تترك جماعات متطرفة وعنصرية تنتهك حقهم فى الحياة وتستبيح مقدساتهم الإسلامية والمسيحية وتهدد أمن وسلامة أسرهم باستمرار.
هى واحدة من اللافتات الكثيرة التى نراها اليوم فى مدن وبلدات ما قبل الاستعمار الاستيطانى فى 1948، فى القدس والناصرة وحيفا ويافا وغيرها، ومعها أطفال ونساء ورجال يستصرخون الفلسطينيين فى الضفة الغربية وغزة والشعوب العربية فى جوارهم المباشر أن تستفيق وتتضامن فى انتفاضة سلمية تحمى الحقوق والحريات من سلطة استعمار واحتلال تفخر بكثرة وزرائها المتطرفين الذين يدعون قوات الأمن للقتل الفورى «لكل من يعتدى على مواطن إسرائيلى» ويترأسها بنيامين نتنياهو الذى يهدد بسحب «بطاقات الهوية والجنسية» من الفلسطينيين فى أراضى ما قبل استعمار 1948 ما لم يتوقفوا عن الاحتجاج، وتطلب المحاسبة القانونية الدولية لمجرمى الحرب الإسرائيليين عن الجرائم ضد الإنسانية فى غزة وعن الإجرام الاستيطانى فى الضفة، وتعيد إلى الواجهة الحق فى تقرير المصير والدولة المستقلة ذات السيادة.
هى واحدة من اللافتات الكثيرة التى تواجهنا نحن شعوب بلاد العرب المجاورة لفلسطين أو البعيدة جغرافيا عنها بعجزنا المتراكم عن الانتصار لحقوق وحريات الشعب الفلسطينى، تواجهنا بوطأة أزماتنا الداخلية التى تغيب معها أيضا حقوقنا وحرياتنا إن بفعل الاستبداد والسلطوية أو بسبب تردى الظروف المعيشية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانهيار العدالة الاجتماعية أو لشيوع الإرهاب والعنف وهما يواصلان حصد الأرواح هنا وهناك أو لضعف مؤسسات المجتمع والدولة وتصاعد التدخل الخارجى أو لتواكب كل هذه العوامل الكارثية، تواجهنا بعمق إخفاقنا فى بناء أوطان عادلة ومستقرة ومجتمعات مسالمة بالمعرفة والعلم وقبول الآخر ودول حديثة وتنموية ما كان لإسرائيل أن تستخف بها على النحو الذى تستخف به بنا جميعا وهى تستبيح الأقصى وتقتل الفلسطينيين وتواصل الاستيطان وتضرب بالقرارات الدولية عرض الحائط.
هى واحدة من اللافتات الكثيرة التى يمكن بتعديلات لغوية محدودة استخدامها فى عموم بلدان العرب، بحيث تصبح التهمة: امرأة، العقاب: القتل على يد تنظيمات الإرهاب والتطرف، أو التهمة: إنسان مسالم يرفض الظلم ويبحث عن الحقيقة، العقاب: القمع والقهر على يد منظومات حكم مستبدة وسلطوية، أو التهمة: بدون، العقاب: جنسية جزر القمر، أو التهمة: أطفال ونساء ورجال يحبون الحياة ويرفضون الدماء والعنف والكراهية، العقاب: قتل وقمع وقهر حال عدم الامتثال لأوامر ونواهى أصحاب السلطة والثروة، وغير ذلك الكثير من التعديلات الممكنة والاستخدامات الجائزة.
أتحرج ولكن أكتبها.. غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.