مجموعة سعودي القانونية

عمرو حمزاوى يكتب | الصمت المروع

عمرو حمزاوي

راجعت مقالات الرأى وأعمدة الكتاب فى صحافة أمس الأربعاء، فلم أجد إلا محدودية بالغة لتناول العدوان الإسرائيلى على غزة الذى بدأت ضرباته الجوية والصاروخية يوم الاثنين الماضى ــ فى المقابل، تناول عدد جيد من مقالات الرأى وأعمدة الكتاب أعمال الدراما التليفزيونية المعروضة خلال شهر رمضان الحالى.
راجعت التغطية الصحفية للبرامج الحوارية فى القنوات التليفزيونية العامة والخاصة مساء الاثنين والثلاثاء الماضيين، وصدمنى التجاهل الواسع للعدوان الإسرائيلى ولسقوط شهداء ومصابين جدد بين فلسطينيى القطاع ــ حظى مثلا فوز ألمانيا على البرازيل فى نصف نهائى كأس العالم لكرة القدم بإشارات وتعليقات أكثر من العدوان الإسرائيلى، ولما لا وإعلام الرأى الواحد والصوت الواحد وأبواق الأجهزة الأمنية منذ صيف ٢٠١٣ يطلق الاتهامات الجزافية ضد حركة المقاومة حماس ويجعل من الشعب الفلسطينى فى غزة «العدو المتآمر» الذى يهدد الأمن القومى المصرى ويستحق استمرار الحصار الظالم المفروض عليه وتشارك به مصر بإغلاق المعابر بينها وبين القطاع.
راجعت التغطية الصحفية لتصريحات/ بيانات/ تعليقات الدوائر الرسمية المصرية يومى الاثنين والثلاثاء وصباح الأربعاء، فلم أعثر إلا على بيان «شجب» من وزارة الخارجية وتصريح من رئاسة الجمهورية بسعيها لوقف «الاعتداءات الإسرائيلية» بينما تناقلت بعض الصحف خبر زيارة مدير المخابرات العامة لإسرائيل قبل أيام، الآن تصمت الدوائر الرسمية عن الأخطار الإقليمية والتهديدات الواردة على أمن واستقرار مصر وتماسك دولتها الوطنية وهى التى تداوم (خاصة رئاسة الجمهورية) على تذكير الرأى العام المصرى بكوارث الإرهاب والعنف فى العراق وسوريا وبتفتت مؤسسات الدولة الوطنية فيهما كما فى ليبيا وعلى التشديد على أن مصر «تنقذ» أمتها العربية من تآمر قوى عالمية وإقليمية تريد دمار العرب وعلى استدعاء الأخطار الإقليمية لتمرير مقايضة الأمن بالحرية وتبرير انتهاكات حقوق الإنسان، الآن تصمت الدوائر الرسمية وكأن فلسطين التى يقطع الإجرام الاستيطانى أوصالها ويرهقها عبث أوسلو التفاوضى تقع فى إقليم آخر بعيد وكأن الأوضاع الكارثية فى غزة لا تداعيات لها على مصر وكأن إسرائيل قوة إقليمية صديقة تبحث عن أمن واستقرار مصر وسلامة مؤسسات دولتها الوطنية.
راجعت التغطية الصحفية لتصريحات/ بيانات الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات العامة يومى الاثنين والثلاثاء وصباح الأربعاء، فلم أطالع إلا تصريحات وبيانات تتناول التحالفات الانتخابية والمشاركة فى البرلمان القادم أو تحدد مواقفها من تعديل سياسات الدعم والتسعير ــ صمت مطبق عن العدوان الإسرائيلى على غزة تماما كصمتها عن مجمل الأوضاع الفلسطينية وكأن فلسطين وحق شعبها فى تقرير المصير وإقامة الدولة ما عادت أولويات مصرية، ولما لا والكثير من قيادات هذه الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات العامة لا تبحث إلا عن تأييد منظومة الحكم/ السلطة، أملا فى الحصول على بعض العوائد (المشاركة فى السلطة التشريعية والتنفيذية) ولا رؤية مستقلة لها وهى التى تورطت منذ يوليو ٢٠١٣ فى إماتة السياسة وتبرير انتهاكات الحقوق والحريات وتأييد هيمنة المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية على الحكم فى مصر وروجت لتشويه الفلسطينيين والسوريين وغيرهم من العرب غير القادرين على منح الأموال ولضرورة الابتعاد عنهم والاكتفاء برضاء المانحين فى الخليج/ كبار العرب.
بعيدا عنهم جميعا، دعونا نتضامن نحن مع الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة والقدس وفى كل فلسطين وندعوه للانتفاض لينتصر لحقوقه دون انتظار لتحرك الصامتين أو المتجاهلين.

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر:الشروق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *