مجموعة سعودي القانونية

عمرو حمزاوى يكتب | دائرة غياب العدل اللعينة!

عمرو حمزاوي

حين تتراكم المظالم اعتقالا وسجنا وانتهاكا وقمعا، يزج بالمجتمع إلى دائرة لعينة من غياب العدل وتجاهل روح وقواعد العدالة.

وفى مصر اليوم لا تقتصر الدائرة اللعينة هذه على ضحايا انتهاكات الحقوق والحريات من عموم المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين أو المتعاطفين معها ممن لم يثبت عليهم ممارسة العنف أو التحريض عليه. كما أنها لا ترتبط فقط بالمصريات والمصريين الذين ارتفعت أصواتهم لتطالب بالديمقراطية ولتدافع عن المظلومين دون معايير مزدوجة ولترفض إقرار قواعد دستورية وقانونية سلطوية، فكان نصيبهم أن أنزل بهم العقاب وتعرضوا لانتهاكات وحيل بينهم وبين العدل على النحو الذى دفع بعضهم (من غير المعلومة أسماؤهم للرأى العام ومن المعلومين) إلى الدخول فى إضراب عن الطعام لانتزاع الحق والحرية.

دائرة غياب العدل وتجاهل روح وقواعد العدالة تتسع لتشمل، على سبيل المثال لا الحصر، طلاب فى الجامعات الحكومية أخرى عاقبتهم الإدارات الجامعية بالفصل النهائى دون إجراء تحقيقات نزيهة وشفافة أو إعمال عادل للقوانين واللوائح المنظمة لعمل الجامعات وواجبات وحقوق الجسد الطلابى.

الدائرة تتسع لتشمل مجموعة من الخريجين المتفوقين لكليات الحقوق بالجامعات المصرية الذين عينوا بالنيابة العامة ثم تم استبعادهم بسبب غياب مؤهل الوالدين ــ هم أبناء لعمال وفلاحين مصريين لهم من الحياة التعليم والعمل لكى يبلغوا حقهم فى الترقى المهنى والاجتماعى، ويحال ظلما وتعسفا بينهم وبين ذلك الحق الأصيل بممارسة تمييزية تتناقض مع روح وقواعد العدالة.

الدائرة تتسع لتشمل مصريات ومصريين اعتقلوا عشوائيا أو سجنوا عشوائيا أو احتجزوا عشوائيا دون جرم ارتكبوه أو عنف تورطوا فى ممارسته ــ بينهم الفقراء وميسورو الحال، بينهم المتعلمون والباحثون وأصحاب الشهادات العليا وكذلك غير المتعلمين والعمال والحرفيون، بينهم من بات الأهل يعرفون أماكن احتجازهم ومن مازال يبحث عنهم إلى اليوم لتقديم المساعدة القانونية والتضامن الأسرى. وفى الحالات جميعا، لا شىء إلا الإنكار أو التجاهل أو التقليل من أهمية «الأمر» من قبل الأجهزة الأمنية ومن وراءها منظومة الحكم/ السلطة ووسائل إعلامها ذات الملكية العامة أو الخاصة.

دائرة غياب العدل وتجاهل روح وقواعد العدالة تتسع لتصنع خريطة «لمظالم المواطن» تتمدد يوميا بطول البلاد وعرضها وتهدد الدولة والمجتمع بأخطار حقيقية وليست متوهمة أو أسطورية كتلك التى تروج لها صناعة الخوف ونظريات المؤامرة، أخطار حقيقية يتعين مواجهتها واحتواؤها لكى نستعيد ولو قدرا يسيرا من العقلانية والرشادة وننقذ شيئا ولو محدودا من إنسانيتنا التى تدمر.

غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر:الشروق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *