عمرو حمزاوى يكتب | فى تهافت المنع والحظر وحذف مقص الرقيب
ليت أصحاب القرار النافذ والأصوات المهيمنة على الحياة السياسية يدركون أن قمع وتعقب المعارضين والتضييق عليهم لن يقضى أبدا على الأسباب الجوهرية لمعارضة ترتيبات الحكم الراهنة والمرتبطة بالخروج عن الديمقراطية وبانتهاكات الحقوق والحريات ولن ينهى تماما حضور الأفكار المعارضة فى المساحة العامة وتأثيرها ولو المحدود على وعى الناس.
ليتهم يدركون أن مآل القمع والتعقب والتضييق هو فقدان الفاعلية واستدعاء مجموعات جديدة إلى خانات المعارضة إما رفضا للظلم أو رغبة فى التعبير الحر عن الرأى أو اقتناعا بأن الخروج على الديمقراطية وتواصل انتهاكات الحقوق والحريات يدفعان بالوطن إلى حافة الهاوية شأنهما شأن الأعمال الإرهابية والعنف أو بحثا عن مصر التى حلموا بها عادلة ومتقدمة، وباتوا يشعرون بغربة شديدة عنها والعدل والتقدم يتواصل غيابهما.
ليتهم يدركون أن جميع استراتيجيات وأدوات منع المعارضين من التعبير الحر عن الرأى أو الحيلولة عبر إجراءات الرقابة دون تواصلهم مع الرأى العام (رفض نشر مقالات أو حذف أجزاء منها أو حظر الظهور الإعلامى) ليس لها أن تغلق بالكامل أبواب نشر الآراء والأفكار، بل وقد تؤدى وبمساعدة وسائط التواصل الحديثة إلى إقبال شعبى واسع النطاق على تداول ما منع سابقا نشره أو حذف أو حظر بيد الرقيب العام (الحكم) أو الخاص (المصالح السياسية والحزبية والمالية والاقتصادية والإعلامية المتحالفة مع الحكم).
ليتهم يدركون أن القمع والتعقب والتضييق يضيف ولا يخصم من مصداقية المعارضين والاحترام الشعبى لمواقفهم ومبادئهم شريطة ألا يتورطوا فى المساومة على الموقف ولا التخلى عن المبدأ، بينما يذهب التبرير المستمر لسياسات وممارسات الحكم بمصداقية المثقفين والكتاب والإعلاميين والسياسيين، الذين يربطهم بالحكم نمط «الاستتباع فى مقابل العوائد والحماية»، ويفقدهم ثقة الناس واحترامهم لهم ولما يدافعون عنه.
ليتهم يدركون أن المعارضين عن موقف متسق ومبدأ قاطع وعن رغبة والتزام بالتعبير الحر عن الرأى لن يجدى معهم لا الترهيب ولا الترغيب نفعا، ولن يحول المنع ولا الحذف ولا مقص الرقيب ولا الحظر دون مواصلتهم لدورهم وإن اختلفت المساحات والوسائط، ولن تتجاوز النتائج المضمونة حدود العصف بمصداقية الصحيفة التى تمنع أو تحذف ووسيلة الإعلام التى تحظر وتروج للموقف الواحد وللرأى الواحد وللقائد الواحد وتفرض علينا غصبا هوية المتلقين السلبيين أو الجموع المستتبعة.
غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.