عمرو حمزاوى يكتب | ماذا بعد ؟
ماذا بعد إدانة انتهاكات حقوق الإنسان التى تتراكم فى مصر دون مساءلة أو محاسبة؟
ليس أمامنا سوى مواصلة توثيق الانتهاكات وكشفها للرأى العام، واستصراخ ضمائر المصريات والمصريين أن ترفض الصمت عن الدماء والمظالم وممارسات القمع والتعذيب التى تغيب العدل والسلم الأهلى وتقضى على فرص الاستقرار والتقدم، وأن تطالب بمحاسبة المتورطين بمنظومة عدالة انتقالية متكاملة لا تميز بين الدماء ولا تتهاون بسبب مواقع المتورطين الرسمية.
ماذا بعد إدانة أعمال الإرهاب والعنف التى تتواصل فى سيناء وفى أماكن أخرى ودماء الأبرياء التى تستبيحها؟
ليس أمامنا سوى تجديد التأكيد على أن الشرط الأول للقضاء على الإرهاب والعنف هو المزج بين حلول أمنية ملتزمة بسيادة القانون وبين حلول شاملة تعيد الاعتبار إلى السلم الأهلى والتنمية المستدامة والمتوازنة والمشاركة السلمية فى إدارة الشأن العام كمرتكزات لفعل الدولة وحياة المجتمع، وشرطه الثانى هو التخلص من جغرافيا الظلم التى يرتبها العنف الرسمى وانتهاكات حقوق الإنسان وتستدعى دوائر العنف المضاد.
ماذا بعد دعوة الأصوات والمجموعات الديمقراطية إلى إدراك أن السياسة أميتت وفقدت مصداقيتها وأن منظومة الحكم/ السلطة لا تريد إلا حضور الموالين فى المؤسسات التنفيذية وكيانات الموالاة فى المؤسسات التشريعية؟
ليس أمامنا سوى توعية الرأى العام بالهندسة غير الديمقراطية للعلاقة بين الحكم/ السلطة والمواطن، بأن إماتة السياسة تفقد المواطن الحق فى الاختيار الحر وتهجره من المجال العام، بأن القوانين القمعية وانتهاكات حقوق الإنسان تعيد فرض الخوف على المواطن وتجهز على دوره كرقيب على الحكم/ السلطة وصاحب صوت يستطيع التغيير، بأن المشاركة فى مشاهد انتخابية منقوصة المصداقية وفى تحالفات تضع الأصوات والمجموعات الديمقراطية فى ذات الخانات مع كيانات تآمرت على الديمقراطية هى رهان خائب ومنهك، بأن الأجدر هو البناء بنفس طويل.
ماذا بعد نقد غياب الشفافية عن قرارات منظومة الحكم/ السلطة فى مصر والربط بين تجاهلها إشراك القوى المجتمعية فى إدارة الشأن العام وبين طبيعتها غير الديمقراطية – وهى التى نتجت عن الخروج عن مسار التحول الديمقراطى وإماتة السياسة؟
ليس أمامنا سوى مواصلة النقد الموضوعى/ العقلانى للتدليل على أن غياب الشفافية والاستعلاء على القوى المجتمعية هما من سمات الحكم غير الديمقراطى وأن تجاوزهما إن بشأن تعديل سياسات الدعم والتسعير أو بشأن فتح المعابر مع قطاع غزة لن يتحقق مع منظومة الحكم / السلطة الحالية، ولتذكير المواطن بأن ما نحن فيه اليوم هو نتاج اختياراته منذ صيف ٢٠١٣ وأنه الوحيد القادر على الاستعادة السلمية لمسار تحول ديمقراطى حقيقى.
غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.