مجموعة سعودي القانونية

عمرو حمزاوى يكتب | ما الذى يشغل الغرب؟.. تمرين بسيط بدلًا من نظريات المؤامرة

عمرو حمزاوي

تعطى مقالات الرأى فى كبريات الصحف الأمريكية والأوروبية مؤشرات دقيقة بشأن «قضايا الساعة» التى تستحوذ على اهتمام صناع القرار (من مشرعين وتنفيذيين وإداريين) فى الغرب أو تؤثر فى توجهات الرأى العام.

خلال الأسابيع الثمانية الماضية، راجعت بانتظام مقالات الرأى فى صحف أمريكية وبريطانية وألمانية متنوعة فى توجهاتها السياسية بين اليمين واليسار، وفى تفضيلاتها المجتمعية بين النزوع المحافظ والتقدمية، وفى طابعها التحريرى بين الانفتاح على قطاعات شعبية واسعة عبر التركيز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية وتقديم الداخل على الخارج وبين التزام رصانة فكرية تخاطب الفئات ذات التعليم الأكاديمى المتقدم والإطلاع الجيد على الشئون العالمية. وللوصول إلى خريطة أولية للقضايا محل اهتمام صناع القرار والرأى العام فى الغرب، مزجت فى مراجعتى لمقالات الرأى بين الاعتبارات الكمية (عدد المقالات المتناولة لقضايا بعينها، عدد كلمات المقالات والمساحات المخصصة لها، التكثيف الزمنى ـ أى هل تنشر مقالات تتناول قضايا بعينها بتتابع زمنى ودون فواصل أم يتم النشر بين الحين والآخر، وكذلك حدود المدى الزمنى لتناول القضايا) والاعتبارات الكيفية (القضايا المتناولة فى مقالات هيئات التحرير الصحفية، الأوزان النسبية للكتاب المتناولين للقضايا المختلفة ومواقعهم الفكرية وتوجهاتهم السياسية، أيام نشر المقالات ــ فالنشر فى يومى السبت والأحد مثلا يستهدف بصورة مباشرة مخاطبة صناع القرار). وخرجت من هذا التمرين بالخريطة التالية للقضايا محل الاهتمام، والتى رتبتها تنازليا من الأهم فالأقل أهمية:

١ ــ الصراع على أوكرانيا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى من جهة وروسيا وحلفائها من جهة أخرى، وسبل التصعيد الغربى ضد روسيا ــ فرض المزيد من العقوبات وتشكيل حلف الناتو لقوة عسكرية للتدخل السريع.

٢ ــ عودة مؤشرات التراجع الاقتصادى إلى بعض الدول الكبرى فى العالم الغربى ــ تحديدا الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، واستمرار الأزمات الاقتصادية والمالية والنقدية فى عدد آخر من الدول الغربية ــ كإيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان.

٣ ــ الموجة الحالية للإرهاب والعنف فى الشرق الأوسط، وتأثيرها على المصالح الاستراتيجية والأمنية الغربية وعلاقة دوله بالحكام العرب ونظم الحكم فى إيران وتركيا، وأدوات الغرب العسكرية والأمنية والسياسية فى احتواء الإرهاب والعنف والحيلولة دون انتقالهم إلى الولايات المتحدة وأوروبا.

٤ ــ خوف الغرب من تنامى القوة التكنولوجية والعلمية للصين، والتى بدأت نظرة صناع القرار والرأى العام لها كالقطب العالمى الأهم خلال سنوات قليلة تستقر وتترجم فى مجالات عدة ــ من بينها كثافة إقبال الأمريكيين والأوروبيين على تعلم اللهجات الصينية.

بدلا من إهدار الوقت فى تطوير نظريات المؤامرة بشأن الغرب وإيجاد الانطباع الزائف بأن صناع القرار فى الولايات المتحدة وأوروبا يستيقظون وينامون وهم فى تفكير عميق بهدف إسقاط دولنا ومجتمعاتنا، الأفضل القراءة والرصد والتحليل لما يكتب فى الغرب ــ أى فى مجتمعات مفتوحة تتداول بها المعلومات وترشح بها الحقائق ولو بعد حين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر : الشروق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *