عمرو حمزاوى يكتب | مواجهة الإرهاب.. بعض الحقائق
طالعوا خريطة بلاد العرب لتتثبتوا من أن الإرهاب يهاجم الأقاليم محدودة الكثافة السكانية، ولتتيقنوا من أن التنظيمات الإرهابية تستوطن فى العراق وسوريا واليمن وليبيا والجزائر إما المناطق غير الآهلة بالسكان وإما تلك المأزومة حقوقيا وتنمويا ومجتمعيا، إن بسبب طائفية مقيتة أو مذهبية متطرفة على نحو يجعل منها بيئات حاضنة للإرهاب والعنف، ولتدركوا أن سيناء المصرية والمناطق على الحدود الغربية مع ليبيا تحتاج بجانب التوظيف الفعال للأدوات العسكرية والأمنية إلى تقوية وتنشيط التجمعات السكانية الحاضرة هناك والنظر فى مطالبهم الحقوقية والتنموية العادلة بهدف تعبئة طاقاتهم وجهودهم لمواجهة الإرهاب.
عندها ستفهموا العبث المجتمعى والأمنى المرتبط بأفكار تهجير السكان من بعض المناطق فى سيناء.
طالعوا خريطة بلاد العرب لتتثبتوا من أن الانفجارات الإقليمية المتتالية تمكن الظاهرة الإرهابية من تجاوز حدود الدول الوطنية «بسهولة» والتنظيمات الإرهابية من الإفادة من مصادر تسليح وتمويل متنوعة، ولتتيقنوا من أن كبح جماح الإجرام الإرهابى يستدعى تحالفا إقليميا ودوليا واسعا يحد من قدرة الإرهابيين على التنقل عبر حدود الدول الوطنية ويجفف منابع التسليح والتمويل ويمتنع عن «إحلال» تنظيمات إرهابية محل أخرى بغية تحقيق أهداف سياسية قصيرة المدى وضيقة الأفق أو عن التهاون فى مساعى تثبيت مؤسسات وأجهزة الدول الوطنية بمزيج من الحلول التنموية والمجتمعية والقانونية مع الأدوات العسكرية والأمنية، ولتدركوا أن صناع القرار فى مصر عليهم وضع تجفيف منابع تنقل وتسليح وتمويل الإرهاب على أجندة الأطراف الإقليمية وعلى أجندة الحرب الأمريكية الجديدة.
عندها ستفهمون غياب العقل عن الخطاب الإعلامى المصرى الذى يصطنع مواجهات وعداءات متوهمة مع أطراف إقليمية ودولية لها أيضا مصلحة فى كبح جماح الإرهاب كدول خليجية لم تجفف بعد منابع تمويل متاحة للتنظيمات الإرهابية أو كالولايات المتحدة الأمريكية التى تختزل المواجهة فى حرب جوية وصاروخية دون رؤية الأهمية القصوى للملمة أشلاء الدول الوطنية فى المشرق العربى وفى اليمن وفى ليبيا.
طالعوا خريطة النماذج العالمية الناجحة لمواجهة الإرهاب لتتثبتوا من أن تعبئة التجمعات السكانية فى المناطق التى تهاجمها أو تستوطنها التنظيمات الإرهابية لدعم الجهود الرسمية والشعبية ضرورة وجودية وأن سبيلها الوحيد هو الحوار معهم ورفع المظالم عنهم عبر التطبيق العادل للقانون وللانتصار لحقوقهم مع مواجهة الإرهاب، ولتتيقنوا من أن إعداد المسرح الإقليمى والدولى للتضامن بفاعلية مع جهود مواجهة الإرهاب يمثل أيضا شرط نجاح خاصة ونحن فى مصر نحتاج للتنسيق مع أطراف كثيرة لتجفيف منابع التنظيمات الإرهابية، ولتدركوا أن تحصين الداخل فى مصر وإقناع الخارج القريب والبعيد بدعمنا له صلة وثيقة بفاعلية توظيف الأدوات العسكرية والأمنية وبفتح الباب واسعا أمام التضامن الشعبى والحوار المجتمعى الجاد لكى تطمئن ضمائر وعقول الجميع إلى حضور رغبة فعلية للمزج بين الأمن والقانون والحق والحرية وإلى حضور رؤية إيجابية وواضحة عن المستقبل والتنمية والتقدم والعدل الذى سيحملهم.
عندها ستفهموا أن رمزية القارب الواحد والمواطن والوطن والمجتمع والدولة المتعلقين به حقيقة لا نملك ترف تجاهلها.