عمرو حمزاوى يكتب | مواجهة التطرف.. سؤال لمنظومة الحكم – السلطة فى مصر
مقدمة أولى: فرض منظومة الحكم / السلطة فى مصر للرأى الواحد وللصوت الواحد وتجديدها لصناعة الخوف من «أعداء الداخل والخارج» والترويج له بين الناس يستدعيان فى مواجهتهما المتطرف من الفكر والراديكالى من الرأى، ويحدان بعنف من الفرص المجتمعية لنشر وتجذير قيم الديمقراطية المتمثلة فى الحرية والتسامح وحكم القانون وقبول الآخر والتعددية، ويغلقان المجال العام فى وجه الأصوات والمجموعات المدافعة عن الديمقراطية التى يتحول القضاء عليها عملا إلى نقطة اتفاق بين الحكم / السلطة وبين حركات وتنظيمات وجماعات التطرف.
مقدمة ثانية: أزمات كغياب العدل عن الدولة وتورط مؤسساتها وأجهزتها فى انتهاكات للحقوق وللحريات وتراكم المظالم، وجميعها يرتبط عضويا بالطبيعة غير الديمقراطية لمنظومة الحكم / السلطة فى مصر، تعمق من ثنائية الرأى الواحد والصوت الواحد المفروض رسميا والفكر المتطرف والرأى الراديكالى المواجه لهما.
مقدمة ثالثة: يرتب اعتماد منظومة الحكم / السلطة الأحادى على الأدوات الأمنية لمواجهة ظواهر الإرهاب والعنف والتطرف، وكذلك تجاهلها لأزمة السلم الأهلى فى مصر وإماتتها للسياسة كنشاط سلمى وتعددى وتنافسى، تصاعد توظيف وسائط كالإعلام المملوك للدولة والإعلام الخاص الذى تديره مصالح مالية واقتصادية متحالفة مع الحكم فى فرض الرأى الواحد والصوت الواحد والترويج للخوف ولمقولات الخطر بين الناس. وفى التحليل الأخير، ينزع ذلك عن الإعلام سمات التعامل الموضوعى مع الأحداث والتداول العقلانى للأمور بالتعويل على المعلومات والحقائق ويحول بينه وبين الترسيخ لقيم الديمقراطية كالحرية والتسامح وحكم القانون وغيرها.
النتيجة: إذا كانت منظومة الحكم / السلطة فى مصر تريد مواجهة التطرف وتحفيز المجتمع بكافة قطاعاته والمواطن بطاقاته وملكاته على المشاركة فى هذه المواجهة، فإن واجبها هو أن تكف فورا عن فرض الرأى الواحد والصوت الواحد على الناس. واجبها هو أن تعترف بضرورة إعادة مصر إلى مسار تحول ديمقراطى حقيقى عبر وقف انتهاكات الحقوق والحريات، ورفع المظالم المتراكمة بسبب الاعتماد الأحادى على الأدوات الأمنية وغياب الالتزام بضمانات حكم القانون، وتجاوز أزمة السلم الأهلى بالابتعاد عن صناعة الخوف والترويج لمقولات الخطر ولقوائم لا تنتهى من الأعداء الداخليين والخارجيين الذين يتعين القضاء عليهم ولأساطير المؤامرات. واجبها هو أن تعلن احترامها لتداول السلطة ولحكم القانون، وتسمح بإعادة إحياء السياسة كنشاط سلمى وتعددى وتنافسى يقبل فى إطاره بمحاسبة كافة المتورطين فى انتهاكات الحقوق والحريات وبخضوع المؤسسات العسكرية والأمنية لرقابة السلطات المدنية المنتخبة.
والسؤال الآن هو هل تقدر منظومة الحكم / السلطة فى مصر على ذلك؟ وهل تسمح لها طبيعتها غير الديمقراطية وتحالفاتها الداخلية والإقليمية والدولية المعادية للفكرة الديمقراطية بالانفتاح الجاد على مواجهة التطرف بالحرية والسلم الأهلى وبإحياء السياسة؟
غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.