مجموعة سعودي القانونية

عمرو حمزاوي

نعود إلى البدايات: لا سبيل لبناء الديمقراطية واستقرار تنظيمها للدولة وللمجتمع المستند إلى العدل والحق والحرية دون تنامى مطالبة شعبية وسياسية باحترام سيادة القانون ونبذ العنف ورفض الإجراءات الاستثنائية. لا سبيل لبناء الديمقراطية واستقرار تنظيمها دون مواصلة الأصوات المدافعة عن الحقوق والحريات لدورها العام وبحثها عن مساحات غير تقليدية للفعل حين تغلق فى وجهها ساحات السياسة ويهمش وجودها فى الوسائط الإعلامية.فى مصر اليوم وإن استقرت الإرادة الشعبية والسياسية على البحث الجاد عن سبل الخروج من الأزمة الراهنة، لا بديل عن

أن تقترن إدانة كل أعمال العنف ضد الدولة ومؤسساتها وأجهزتها وأعمال العنف الأهلى التى تتورط بها بعض جماعات اليمين الدينى بمطالبة الدولة بالامتناع عن تجاوز سيادة القانون أو التورط فى العنف الرسمى والإجراءات الاستثنائية. لا بديل عن أن يقترن تأييد مواجهة الدولة لأعمال العنف بالمطالبة العلنية بالتحقيق القضائى المستقل والناجز حين تعصف الدولة بحقوق وحريات المواطن.فى مصر اليوم، لا بديل عن إدانة الخروج المتكرر لتظاهرات وتجمعات الإخوان وبعض جماعات اليمين الدينى الأخرى عن شرط سلمية التظاهر والتجمع، ولا بديل أيضا عن إدانة السقوط المتكرر لأعداد متزايدة من الضحايا والمصابين بين صفوف المتظاهرين والمطالبة بالتحقيق القضائى المستقل والناجز فى ممارسات أجهزة الدولة المعنية بتأمين الوطن والمواطن وإخبار الرأى العام بالحقيقة.

فى مصر اليوم، لا بديل عن المزاوجة بين تأييد المحاسبة القانونية الناجزة للأفراد المتورطين وللكيانات المتورطة فى ممارسة العنف أو التحريض عليه وبين رفض كل الإجراءات الاستثنائية التى تعصف بالحقوق والحريات وتنذر بتعميم العقاب دون دليل. مسئولية الدولة، عبر سلطتها القضائية المحترمة، هى أن تقدم إلى محاكمات عادلة من يثبت عليهم التورط فى العنف أو التحريض عليه أو الخروج على القانون وأن تخلى سبيل من لا يثبت عليه أي من هذا وتكف عن تعقبه. ومسئولية المجالس والمنظمات الحقوقية، ومن بينها المجلس القومى لحقوق الإنسان، هى تبنى هذه الرؤية والامتناع عن التعامل بمعايير مزدوجة مع قيادات وعناصر الإخوان واليمين الدينى قيد السجن حاليا.

فى مصر اليوم، لا بديل عن تجاوز الأصوات المدافعة عن الحقوق والحريات لوضعية اليأس الراهنة ولحالة التراجع إزاء الغزو المنظم للمساحة السياسية والإعلامية من قبل مروجى المقولات الفاشية ومؤيدى الدولة الأمنية الذين دفعوا بالوطن إلى الهاوية قبل ثورة يناير ٢٠١١. هؤلاء، وصفوفهم بكل تأكيد تتسع ومقولاتهم التى تسفه من الحقوق والحريات تلقى قبولا شعبيا متصاعدا على وقع بحث المواطن المشروع عن الأمن وغياب العقلانية والرشادة عن الإخوان وبعض جماعات اليمين الدينى وهم يواصلون التورط فى أعمال العنف، يتعين مواجهتهم سلميا عبر نشر الفكر الديمقراطى وبالتعويل على مساحات غير تقليدية للتواصل مع الرأى العام. وحده الفكر الديمقراطى هو القادر على الربط بين الأمن وبين ضمان الحقوق والحريات، بين الاستقرار وبين عدل الدولة والتزامها سيادة القانون، بين مواجهة العنف وإنقاذ المجتمع من دوائره وبين امتناع الدولة عن العنف الرسمى والإجراءات الاستثنائية ومن ثم الحيلولة دون صناعة تاريخ وذاكرة مظلومية جديدة.

غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *