عمرو حمزاوي يكتب | بعيدًا عن السياسة وحقوق الإنسان.. ماذا فعلتم؟
أسأل مؤسسات وأجهزة الدولة المعنية بتطبيق القانون وحماية مصالح المجتمع ومحاسبة المتورطين فى الفساد من شاغلى المناصب العامة، ماذا فعلتم إلى اليوم بتقرير المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات الذى صدر فى فبراير ٢٠١٤؟
أسأل مؤسسات وأجهزة الدولة المعنية بتطبيق القانون وحماية مصالح المجتمع ومحاسبة المتورطين فى الفساد فى القطاعات الاقتصادية والمالية والإعلامية والاستثمارية الخاصة، ماذا فعلتم إلى اليوم بشأن التقارير المتواترة لمنظمات مكافحة الفساد عن تجاوزات ومخالفات جسيمة لم تتوقف طوال السنوات الثلاث الماضية وعن تداخل شبكات الفساد العامة والخاصة وعن تورط مصالح مالية واستثمارية غير مصرية ـ عربية تغيرت منابعها وفقا لتقلبات السياسة منذ ٢٠١١؟
أسأل مؤسسات وأجهزة الدولة المعنية بتطبيق القانون وحماية مصالح المجتمع والحيلولة دون غزو رءوس الأموال الخاصة للمنافسات الانتخابية على المناصب العامة من رئاسة الجمهورية إلى مجالس إدارات الأندية الاجتماعية ــ الرياضية مرورا بالانتخابات البرلمانية والمحلية (حين يحل موعدها)، ماذا فعلتم إلى اليوم لمنع سيطرة المال الخاص على الانتخابات ونتائجها والعصف عملا بحق الناس فى الاختيار الحر (طبعا هناك معوقات كثيرة أخرى ترد على ممارستنا للاختيار الحر) وإحداث المزيد من التداخل بين المناصب العامة والمال الخاص على نحو يهدد بإطالة أمد شبكات الفساد وتعميق نفوذها؟
ماذا فعلتم إلى اليوم، إن لجهة النصوص القانونية التى تحتاج إلى تعديل أو الممارسات الرقابية التى تحتاج إلى تفعيل، بشأن سيطرة المال الخاص على الانتخابات بعد التجاوزات المتراكمة خلال السنوات الثلاث الماضية ـ الانتخابات البرلمانية والرئاسية وأنماط تمويل الأحزاب السياسية عبر منفقين أفراد أو عبر شبكات خارجية غير شرعية ــ وقبل أن تعيد مصر الكرة مجددا فى انتخابات رئاسية وبرلمانية وبعد أن دللت انتخابات مجالس إدارات الأندية الاجتماعية ــ الرياضية على عمق تأثير المال الخاص ودوائر المنفقين والممولين على نتائج الانتخابات؟
أسأل مؤسسات وأجهزة الدولة المعنية بتطبيق القانون وحماية مصالح المجتمع وضمان وصول الخدمات الأساسية (السكن الآمن، التنقل الآمن، مكان العمل الآمن، الرعاية الصحية والاجتماعية الآمنة) للمصريات وللمصريين دون تمييز على أساس الدخل أو النوع أو الانتماء المكانى (ثنائيات الحضر ـ الريف والمراكز ـ الهوامش أو المناطق النائية) وبمعدلات جودة تحترم الكرامة الإنسانية، ماذا فعلتم بشأن الشواهد الكثيرة لعدم وصول الكثير من الخدمات هذه للفقراء ولمحدودى الدخل ولعدم أمانها وجودتها حتى حين تطلب نظير المال الوفير ولتداعيات ذلك الكارثية ــ السقوط اليومى لضحايا مرافق النقل، التحرش والاعتداءات المستمرة على النساء وذوى الاحتياجات الخاصة فى أماكن العمل والمساحة العامة، غياب جودة الرعاية الصحية التى توقع بعض الضحايا المعلومين كالكاتبة الراحلة نادين شمس والكثير من الضحايا غير المعلومين؟
أسأل مؤسسات وأجهزة الدولة المعنية بتطبيق القانون وحماية مصالح المجتمع والقضاء على التمييز على أساس الدين أو العرق أو النوع أو المستويات الاقتصادية والاجتماعية وضمان تكافؤ الفرص لجهة شغل المناصب العامة والخاصة، ماذا فعلتم إلى اليوم لتعديل القوانين المصرية لمناهضة التمييز وتشديد عقوبة الممارسات التمييزية ومحاسبة المتورطين؟ ماذا فعلتم إلى اليوم لضمان تكافؤ الفرص بين المصرية المسيحية والمصرية المسلمة من جهة وبين المصرى المسلم والمصرى المسيحى من جهة أخرى فى أماكن العمل العام والخاص، وبين أهل الصعيد وسيناء والمناطق النائية وبين سكان المدن والمراكز الحضرية فيما خص التوظف، وبين داكنى البشرة القادمين من النوبة وأقصى جنوب الوادى وبين بقية السكان؟ ماذا فعلتم إلى اليوم للتأسيس لحيادية الدولة وأجهزة الخدمة العامة وللرقابة على القطاع الخاص لمناهضة التمييز والمحسوبية والفساد؟
لن يمنعنى الاجتهاد للدفاع عن الحقوق والحريات وللبحث عن تحجيم ضرر السياسة التى ماتت وتفاعلاتها التى عطلت وللعمل على بناء تيار عام للديمقراطية وللتنمية الوطنية من مواصلة الكتابة عن قضايا الفساد العام والخاص والخدمات الأساسية التى لا تصل إلى الناس، تماما كما لن يمنعنى التباين فى المواقف الإنسانية والسياسية مع بعض الفئات المهمومة بقضايا التمييز وممارساته (الكثير من الأقباط) من الانتصار لقيم المساواة والمواطنة والدفاع عن حقوقهم.