مجموعة سعودي القانونية

عمرو حمزاوي يكتب | تضامنًا مع فلسطين

عمرو حمزاوي

على الرغم من الصمت الرسمى المصرى والتجاهل الإعلامى للعدوان الإسرائيلى على غزة وانصراف مجمل الأحزاب والقوى السياسية إلى فعلها المتهافت المعهود ــ أحاديث التحالفات الانتخابية بينما يتساقط الشهداء والمصابون من الأطفال والنساء والرجال فى القطاع ويصمت العرب والعالم، لن تعدم مصر بكل تأكيد منظمات للمجتمع المدنى وجمعيات أهلية متمسكة بالتضامن مع الشعب الفلسطينى والانتصار لحقه فى تقرير المصير وأقلية من الكتاب والصحفيين والإعلاميين والفنانين ومن الشخصيات العامة والشباب المنخرط فى العمل العام لم يفسد خطاب كراهية فلسطين وتجريم حماس ضمائرها وحتما تبحث اليوم عن سبل دعم غزة وحماية حق أهلها فى الحياة فى مواجهة العدوان الإسرائيلى وآلة قتله المدججة بالسلاح.

إلى هذه المنظمات المدنية والجمعيات الأهلية، إلى الأقلية الواعية التى لولا حضورها لبدت مصر منزوعة الإنسانية ومتجاهلة لمسئولية تفرضها حقائق الجغرافيا والتاريخ ولتجاوز الشعور الشخصى بالاغتراب عن كثير مما يدور حولنا حدود الإنهاك اليومى، إلى المصريات والمصريين الذين قد تعيد صور شهداء غزة من الأطفال والنساء والرجال ومشاهد الإجرام والدمار فى القطاع المحاصر منذ سنوات الحياة إلى ضمائرهم وتنقذ إنسانيتهم من خطاب كراهية فلسطين البائس الذى تروج له طيور ظلام المرحلة منذ صيف ٢٠١٣، إليهم جميعا أتوجه ببعض المقترحات العملية للتضامن مع الشعب الفلسطينى فى غزة التى يستبيحها العدوان الإسرائيلى ولدعمه فى القدس والضفة الغربية كما فى القطاع للانتفاض ضد الدماء والقتل والترويع والإجرام الاستيطانى / ضد عبث أوسلو التفاوضى وتفريغ حق تقرير المصير من المضمون / ضد الصمت العربى والعالمى.

•••

١ـ المطالبة العلنية للحكم / السلطة فى مصر بالفتح الفورى والدائم للمعابر مع غزة وتقديم الدعم الطبى والإنسانى لأهلها، وتوظيف الإعلام البديل (شبكات ومواقع التواصل الاجتماعى) والمساحات المحدودة المتاحة فى الإعلام التقليدى (القنوات التليفزيونية ومحطات الإذاعة والصحف) والمساحات الأكثر محدودية المتاحة لعمل الكيانات السياسية والشبابية الصغيرة التى لم يلوثها خطاب كراهية فلسطين البائس لتوعية الرأى العام بأن المعابر المغلقة تعنى المشاركة المصرية غير المباشرة فى العدوان الإسرائيلى على غزة وأن فتح المعابر لن يهدد أمننا القومى لا فى سيناء ولا فيما وراءها لأن السلطات والأجهزة العسكرية والأمنية المصرية هى التى تدير المعابر ولها كامل الصلاحيات التفتيشية والرقابية.

٢ـ المطالبة العلنية للحكم / السلطة فى مصر بالإفادة من علاقاته «الجيدة» مع الدوائر السياسية والأمنية فى إسرائيل للضغط عليها لوقف عدوانها على غزة والعودة إلى هدنة ٢٠١٢ والكف عن الأعمال الاستفزازية التى تمارسها فى القدس والضفة الغربية دون انقطاع.

٣ـ المطالبة العلنية للحكم / السلطة فى مصر بالتحرك عربيا ودوليا لاستصدار قرارات إدانة للعدوان الإسرائيلى وتجاوز الصمت المصرى والعربى المشين ومعايير الغرب المزدوجة، وكذلك لمطالبة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى بوقف إطلاق الصواريخ حال توقف آلة الحرب الإسرائيلية.

•••

أدرك جيدا أن المطالب التى تحملها النقاط السابقة لن تجد الكثير من الآذان الصاغية داخل منظومة الحكم / السلطة فى مصر. على الرغم من ذلك، تظل الصياغة العلنية لها والضغط السلمى من أجلها وتوعية الرأى العام المصرى بشأنها أولويات لا ينبغى تجاهلها.

٤ـ الشروع الفورى، وبانفصال تام عن الهويات والانتماءات الحزبية، فى تجهيز وتسيير قوافل المساعدات الطبية والإنسانية لإغاثة أهل غزة بمشاركة جميع المنظمات المدنية والجمعيات الأهلية والكيانات السياسية والشبابية الصغيرة والتجمعات الطوعية والشخصيات العامة الراغبة، ومطالبة الحكم / السلطة فى مصر بتيسير دخول القوافل إلى غزة وتأمينها.

٥ـ على الكتاب والصحفيين والإعلاميين المتضامنين مع غزة، وإزاء مراوحة الإعلام التقليدى فى مصر بين استمرار الترويج لخطاب كراهية فلسطين وتجريم حماس وبين الصمت المشين عن العدوان الإسرائيلى، التنسيق الكامل لمواقفهم وطرق مخاطبتهم للرأى العام بهدف التوعية وإنقاذ الإنسانية. هام التفكير فى مقالات للرأى تخرج بعنوان موحد ومضمون متطابق، فى كلمات وعبارات ومادة مصورة تستخدم بشكل متناغم على شبكات ومواقع التواصل الاجتماعى، فى الاقتراب من المصريات والمصريين بتفكيك خرافة «فتح المعابر يهدد الأمن القومى لمصر» وتوضيح كارثة المشاركة غير المباشرة فى العدوان الإسرائيلى حال استمرار إغلاق المعابر ومخاطبة الضمير الجماعى للشعب الذى دوما ما اعتبر فلسطين أولوية مصرية ودوما ما رفض سفك دماء وقتل شعب فلسطين وأدان الإجرام الإسرائيلى وعمل عبر محطات تاريخية ماضية على الانتصار لحقوق الفلسطينيين فى تقرير المصير والكرامة والحياة الآمنة فى دولتهم المستقلة.

٦ـ إطلاق مبادرة مصرية للتضامن مع انتفاضة الفلسطينيين القادمة فى القدس والضفة الغربية وغزة، فى القدس التى تعانى من الإجرام الاستيطانى وتهجير أهلها، والضفة التى يقطع الاستيطان أوصالها ويفرغ حل الدولتين من المضمون، وغزة المحاصرة منذ ٢٠٠٦ والتى يستبيحها العدوان الإسرائيلى على نحو دورى. لم يعد أمام الشعب الفلسطينى بعد عقدين من عبث أوسلو التفاوضى وإزاء الصمت العربى والعالمى إلا أن ينتفض سلميا ويفرض على إسرائيل وعلى العرب والعالم الإنصات إلى إرادته التى لم يكسرها إجرام متواصل منذ بدايات القرن الماضى وإلى صموده الأسطورى دفاعا عن حق تقرير المصير وإقامة دولته على أرضه وعودة اللاجئين الذى لن تقوى عليه أبدا آلة القتل الإسرائيلية. واجبنا فى مصر، ومن خانات الأقلية التى لم تشوه بخطاب الكراهية ولم تبتعد عن مواقع المطالبة بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات وتقف اليوم معارضة لمنظومة الحكم / السلطة، هو التضامن مع هذه الانتفاضة الثالثة القادمة والتفكير فى سبل دعمها ومناصرتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *