مجموعة سعودي القانونية

عمرو حمزاوي يكتب | ليس بالصخب المضاد

عمرو حمزاوي

تصخب مجموعات الكتاب والإعلاميين وطوائف «الخبراء الاستراتيجيين والأمنيين» المسيطرة على تدوينات الصباح الصحفية وغزوات المساء التليفزيونية بشأن تنظيم داعش الإرهابى وانشطارات القاعدة الأخرى فى المشرق وشبه الجزيرة العربية وسيناء وفى الأراضى الليبية، تصخب صعودا وهبوطا دون تداول لمعلومات وحقائق موثقة ودون تطوير لنقاش عام جاد يتجاوز الترويج لضرورة محاربة الإرهاب ولمقولات الخطر والخوف التى توظفها منظومات الحكم / السلطة لتمرير مقايضة الأمن فى مقابل الحرية ولإسكات الأصوات المطالبة بالديمقراطية.

فهل «للآخرين»، عوضا عن التورط فى صخب مضاد يقف عند حدود إثبات الأفضلية الأخلاقية والإنسانية للمزج بين محاربة الإرهاب وبين احترام حكم القانون وصون الحقوق والحريات ورفع المظالم والبناء الديمقراطى وتداعيات ذلك الإيجابية على لملمة أشلاء الدولة الوطنية واستعادة سلم المجتمعات الأهلى، أن يديروا نقاشا موضوعيا حول سياسات وإجراءات محددة تستخدم برشادة الأدوات العسكرية والأمنية للضغط على التنظيمات الإرهابية والحيلولة دون تواصل وحشيتها ودمويتها، وتوظف بواقعية الأدوات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لإنقاذ الدول والمجتمعات من متوالية «عوامل الاستبداد والظلم والفقر تسبب الإرهاب»، وتواجه بجدية فكر التطرف عبر تحديث لنظم التعليم المدرسى والجامعى وبمؤسسات دينية ومدنية مستقلة وذات مصداقية لكونها غير مستتبعة من منظومات الحكم / السلطة، وتعين بصدد حزم السياسات والإجراءات المختلفة هذه المدى الزمنى المتوقع والموارد الداخلية والإقليمية والدولية (دون تبعية للحرب الأمريكية على الإرهاب والمصالح والأهداف المرتبطة بها) اللازم تعبئتها لإنجاز التنفيذ؟

تصخب نفس مجموعات الكتاب والإعلاميين وذات طوائف «الخبراء الاستراتيجيين والأمنيين» بشأن ضعف منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية وتهافت المدافعين عن الديمقراطية والحقوق والحريات الذين تدار ضدهم حملات تخوين وتشويه لا تتوقف، تصخب صعودا وهبوطا وتؤسس لحكم الفرد والسلطوية الجديدة استنادا إلى الضعف والتهافت هذين ولهيمنة المكون العسكرى ـ الأمنى كسبيل القضاء على «الخونة والمتآمرين» والتخلص من شرورهم.

فهل «للآخرين»، بدلا من الاكتفاء بالدفاع عن منظمات المجتمع المدنى وأصوات الديمقراطية وبمعارضة حكم الفرد والسلطوية الجديدة والاحتجاج على السياسات والممارسات القامعة للحقوق وللحريات وتبيان آثارها الكارثية فى الحاضر وفى المستقبل، أن يجمعوا بين هذه الأدوار وبين الإدارة الموضوعية لنقاش علنى بشأن الاختلالات الكثيرة التى تعانى منها منظمات المجتمع المدنى وترد على فعل أصوات الديمقراطية وهى مازالت تعجز عن الاقتراب اليومى من المواطن على نحو يربط قضايا الخبر والأمن والحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالحريات الفردية والمدنية والسياسية ـ مكون النقد الذاتى؟ وأن يعيدوا الاعتبار لابتكار استراتيجيات وأدوات عصرية للتواصل مع الرأى العام لا تقع فى فخ الضعف المتوهم الذى تفرضه عليهم السلطوية الجديدة ولا تقف عند التدليل على الأفضلية الأخلاقية والإنسانية لأصوات الديمقراطية ولا عند الحدود التقليدية لمساحات العمل الاحتجاجى ولا عند مجرد التفنيد الفكرى لمقولات طيور ظلام المرحلة وهى دوما سطحية نظرا لأحادية هدفها المتمثل فى التأسيس لحكم الفرد والسلطوية ـ مكون الابتكار لتجاوز هوية الضحية ووضعية الضعف المتوهمة والاستغراق فى الدفاع عن النفس؟

منازلة الصخب واللامضمون بصخب مضاد وبمضمون محدود لا يتطور، لن تذهب بنا بعيدا. نقد الترويج لحكم الفرد والسلطوية الجديدة والنسخة الحالية للحرب على الإرهاب بإثبات متكرر للأفضلية الأخلاقية والإنسانية للديمقراطية ولإدراك روابط الاستبداد والظلم والفقر والإرهاب، لن يمكننا من انتزاع ساحات مستقلة لمخاطبة الناس وإقناع قطاعات تتسع بأولوية الحقوق والحريات. آن أوان التحرك إلى الأمام بمضوعية وواقعية وابتكار ودون خوف.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر:الشروق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *