تجهز النظم الشمولية والسلطوية والنظم المسخ على فرص دولها ومجتمعاتها فى اللحاق بركب التاريخ الإنسانى الحديث الذى وبعد محطة الاستعمار فى القرن التاسع عشر ثم محطة الفاشية فى النصف الأول من القرن العشرين ثم محطة جمهوريات الخوف والحديد والنار فى نصفه الثانى استقرت وجهته إلى غايات التقدم والحرية وحقوق الإنسان والتعايش السلمى والتسامح والعدل.
تخرج النظم الشمولية والسلطوية والنظم المسخ دولها ومجتمعاتها من التاريخ الحديث لأنها ترفض استيعاب الحقيقة الخالدة للإنسانية، لا تقدم بدون حرية ولا تنمية مستدامة بدون حقوق ولا تعايش سلمى وتسامح بدون عدل ودرء للمظالم. فليس لنا بنى البشر أن نتجاوز مخاطر وتحديات الحياة ونصنع التقدم والإبداع والابتكار فى بيئات خاصة وعامة تقتلع منها الحرية ويستوطن بها الخوف، ليس لنا أن نفكر ونتوافق ونطبق إستراتيجيات وسياسات التنمية المستدامة والمتوازنة ونحن نرى حقوقنا مهددة يوميا ونشعر بالقبضة القمعية وبامتهان القانون، ليس لنا أن نقبل التنوع والاختلاف وندركهما كقيمتين إيجابيتين وننفتح على «الآخر» ونتعايش معه فى دول ومجتمعات تدار عبر نخب تدعى احتكار الحقيقة المطلقة ولا تقبل إلا التأييد والنفاق.
وإن نجت بعض الدول والمجتمعات التى تسيطر عليها النظم الشمولية والسلطوية والنظم المسخ من السقوط المدوى فى براثن التخلف والخروج من التاريخ، فإن النجاة تلك عادة ما تكون مؤقتة زمنيا وترتبط إما بتوفر ثروات وموارد طبيعية هائلة أو بحضور معدلات تعليمية مرتفعة ومن ثم مؤسسات وأجهزة إدارية كفؤة أو بوجود خليط من هذه العوامل ــ على ما يمكن ملاحظته فى دول مجلس التعاون الخليجى والصين والاتحاد الروسى ويغيب إجمالا وتفصيلا عن مصر.
لا نجاة لنا فى مصر من براثن التخلف إلا بالحرية التى تدفع إلى التقدم والإبداع والابتكار، لا انعتاق لنا من غياب التنمية المستدامة والمتوازنة إلا باحترام حقوق الإنسان التى بدونها نتحول إلى خيالات عاجزة لبشر لا يفكرون برحابة ولا ينفذون بدقة وكفاءة ولا يقدرون على التخطيط للمستقبل، لا حركة إيجابية باتجاه التعايش السلمى والتسامح إلا بعدل الدولة برفض المجتمع للظلم.
غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.