مجموعة سعودي القانونية

عمرو خفاجى يكتب| حكومة خيال

عمرو-خفاجى

لم تكن هناك أى مفاجأة فى تكليف المهندس إبراهيم محلب بتشكيل الحكومة الجديدة، بل كان الأمر يكاد أن يكون محسوما من لحظة تكليفه بوزارته الأولى أثناء حكم المستشار عدلى منصور، على اعتبار أن هذه الحكومة ستستمر بشكل أو بآخر حتى إجراء الانتخابات النيابية، وتشكيل المجلس النيابى الجديد والذى سيكون له دور بالغ الأهمية فى الموافقة على الحكومة وفقا لدستور ٢٠١٤، كما أن لدى هذه الحكومة مجموعة من المهام الكبرى بدأت مع حكومة الدكتور حازم الببلاوى، عليها أن تنتهى منها قبل أن تقدم استقالتها النهائية بعد أربعة أشهر من الآن، لذا سيكون من المتوقع أيضا استمرار غالبية الوزراء فى مقاعدهم، باستثناءات قليلة، خاصة الوزراء الذين لم يوفقوا فى مهامهم، وأعتقد أن عددهم لا يتجاوز العشرة وزراء، بل من واجب المهندس إبراهيم محلب الحفاظ على ثبات تشكيل الحكومة وتناغمها، بقدر ما يستطيع، حتى لا تتعطل الأعمال ولا ترتبك المصالح، كما عليه أن لا يعيد تشكيل الحكومة بمعناها الإدارى، مثل إلغاء أو ضم بعض الوزارات، أو تأسيس وزارات جديدة، فذلك كله يجب أن يكون لحكومة ما بعد البرلمان.

لكن هذا لا يعنى مطلقا، أن تكون حكومة محلب الثانية، هى حكومته الأولى، فهناك فارق ضخم أعلن عن نفسه ولا يمكن تجاهله، فالحكومة الأولى كانت حكومة مؤقتة مع رئيس مؤقت لتيسير الأمور خلال مرحلة انتقالية، بينما حكومته الجديدة، حكومة، صحيح أنها مؤقتة أيضا، لكنها مع رئيس منتخب، لدورة كاملة (أربع سنوات) وبالتالى ستكون هذه الحكومة، بمعنى ما، حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسى، ما لها له، وما عليها عليه، كما أن هذه الحكومة مطالبة بالبدء الفورى فى تحقيق ما وعد به الرئيس، أو ما جاء من أجله، مثل فرض الأمن، وتحقيق الاستقرار، حيث أن الشعب ينتظر، ولا يملك مزيد من الصبر تجاه أى شىء، لذلك ما كان مقبولا من وزراء محلب فى وزارته الأولى، لن يمر أبدا فى وزارته الثانية، وفى كل الأحوال الخسائر لن تصيب الحكومة ووزراءها، بل ستسحب من رصيد الرئيس الذى جاء لتحقيق أحلام الشعب، فلم تعد البلاد فى حالة انتقالية، وإنما فى حالة مستقرة وعنوان استقرارها الرئيس السيسى.

أعلم أن الحال صعبة على جميع الأصعدة، لكن أعلم أيضا أن سقف التوقعات عالٍ، وأعلم أن التغيير اللحظى مستحيل، لكن أعلم أيضا أن هذا أحد بنود العقد لترشح وانتخاب السيسى، وهذه مشكلة حكومة محلب الجديدة، بلد قيد البناء مطلوب تشطيبه، ولا يحل تلك المعضلة إلا الذكاء السياسى، والخيال، فلا مجال للواقع فى التحديات التى تواجهها هذه الحكومة، والخيال يبدأ من إنجازات يلمسها المواطن.. إنجازات تندفع للأمام ولا تتراجع، فهذه حكومة أقرب لحكومة الحرب، وأعتقد أن محلب يدرك ذلك، وربما استخدم هذا التعبير من قبل، فعليه أن يرفع درجة الاستعداد ويبدأ معركته، خاصة أنه لا يملك أية خيارات أخرى، فقد ولى زمن التراجع والاستسلام، كما فهمنا من خطابات وتصريحات النظام الجديد.. وهذا فى حد ذاته خيال، فكيف سيتحول إلى واقع ؟. ننتظر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *