مجموعة سعودي القانونية

عمرو-خفاجى

اقتربت لجنة الخمسين من إنهاء تعديلات دستور ٢٠١٢، ومن المتوقع أن يتم التصويت على هذه التعديلات نهاية هذا الأسبوع، وقد غلبت اعتراضات فئوية بالأساس على هذه التعديلات، بينما لم نشهد نقاشات واسعة على نظام الحكم، الذى صار «شبه رئاسى»، وفقا لتعبير الدكتور عمرو الشوبكى مقرر لجنة نظام الحكم بالخمسين، وربما يكون السبب فى غياب النقاشات أن نصوص دستور ٢٠١٢ هى التى أقرت هذا التظام، وربما كانت تعديلات الخمسين تستهدف أساسا موازنة العلاقة بين الرئيس والبرلمان، والتى كانت شبه غائبة فى الدستور المعطل حاليا، ومع ذلك تبقى هناك ملاحظات ضرورية يجب التنبيه إليها من الآن قبل التصويت النهائى على المواد المعدلة وطرحها للاستفتاء العام.

الملاحظة الأولى، أن التعديلات لم تتلاف العيب الواضح فى مواد دستور ٢٠١٢، بعدم الربط بين انتخابات الرئاسة وانتخابات البرلمان، بل لم تضبط أصلا المدد الزمنية لفترتيهما، فالرئاسة أربع سنوات، بينما البرلمان خمس سنوات، وبالتالى سيكون من الصعب ضبط الأمور فى تشكيل مجلس وزراء يعادل فترة الرئاسة، مما يعنى أنه من أصعب ما ستشهده مصر خلال الفترة المقبلة، صعوبة تشكيل وعمل مجلس الوزراء، والذى سيكون مشدودا طوال الوقت بين الرئاسة والبرلمان، ولا أفهم لماذا الإصرار على عدم النص على ذلك، بالرغم من الدستور أن الفرنسى تم تعديله لتلافى هذا العيب، فقد كانت مدة الرئاسة سبع سنوات، ثم خفّضها الرئيس شيراك بنفسه لتتماشى مع البرلمان، ولضمانة سهولة تشكيل الحكومة.

الملاحظة الثانية، أن المواد المتعلقة بالسيد رئيس الجمهورية، وهى مواد طويلة نسبيا، بالنسبة لمفاهيم صياغة الدساتير الحديثة، تتعامل مع الرئيس باعتباره مسجل خطر أو لصا، وتقيده فى الكثير من الأمور، حتى إن بعض المواد تتحدث عن منعه من القيام بأعمال المقاولات والتوريدات، وكأن رئيس الجمهورية يمكنه فعل ذلك، كما انه لا يبيع أو يشترى أو يؤجر أو يتعامل مع الدولة، كما تمنعه المواد من ممارسة مهنة حرة أو عمل تجارى او صناعى أو مالى، كما تحرمه المواد من تلقى أى هدايا عينية أو نقدية وتؤول كلها لخزانة الدولة، كما أن الدستور يفترض مقدما خيانة الرئيس فيدعوه للقسم للحفاظ على وحدة الأراضى، خوفا وذعرا من تقسيمها.

الملاحظة الثالثة، أنه من الواضح أن التعديلات التى جاءت بشأن الرئيس، وغيرها أيضا، من الواضح أنها تمت تحت وصاية وهمية تفترض أن مبارك أو مرسى سيعودان للحكم، فاستعدوا بترسانة من القوانين والإجراءات والحماية الدستورية لمواجهتهما، ويبدو ذلك جليا، على سبيل المثال، فى المادة التى تحظر على الرئيس منح الأوسمة والأنواط والنياشين لنفسه، وهو الأمر الذى كان فعله مرسى، طبعا لا ضرر من تقييد صلاحيات رئيس الجمهورية، أو ضبط سلطاته، لكن يبقى الرئيس رئيسا، يحب الحفاظ له على هيبته ومنحه السلطات اللازمة للقيام بالمهام التى يطلبها منه الدستور، وأعتقد أن الشعب الذى أطاح بنظامين وأسقط رئيسين فى عامين، لن يقبل ذلك مجددا، لكنه يبحث عن مستقبل مع رئيس وطنى مخلص يعمل لصالح بلاده حبا فيها لا خوفا من قوانين ترهبه، أو تعامله كمسجل خطر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *