مجموعة سعودي القانونية

عمرو-خفاجى

من أفضل ما سمعت من تعليقات حول تعديلات الدستور الجديد، ما قاله الدكتور عمرو الشوبكى الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والأهم أنه أحد الأعضاء الفاعلين فى لجنة الخمسين، الرجل قال إن الدستور الذى انتهت إليه اللجنة، ليس أعظم دستور، وهو قول يدل على الرشادة والواقعية السياسية والتعقل القانونى، وكلها أمور نحن فى أشد الحاجة إليها فى كل شىء، ففعلا الجو العام الذى أنتج فيه هذا الدستور، لا يمكن أبدا أن يكون إيجابيا حتى ينتج أعظم دستور، كما أن النخب صاحبة الصوت العالى، لا يمكنها أن تقدم إلا ما تم بالفعل من تعديلات، فلا يمكن أن يكون الدستور بعيدا عن الجو العام السياسى، وليس ببعيد أيضا عن الذين أنتجوه، وفى هذا الإطار نستطيع أن نحكم على الوثيقة الدستورية التى خرجت، بأنها تقدمت بنا بعض الخطوات للإمام فى مجموعة مهمة من القضايا، لكن ليس بالضرورة أن هذه الوثيقة هى الأفضل فى تاريخ مصر، فهى بالضرورة تعبر عن الأحداث الدراماتيكية، التى شهدتها البلاد منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١، وهى حصاد لكل ما حدث، ورد فعل لجميع الوقائع السخيفة التى كان يتعرض لها الشعب قبل الثورة، وأيضا بعدها فى كثير من المواضع.

فى المقابل، كانت المعلومات التى خرجت من رئاسة الجمهورية، تعبر أيضا عن قدر كبير من الرشادة والتعقل، فالرئيس المؤقت، والذى هو رجل قانون عتيد، ارتاح لوصف الوثيقة الدستورية الجديدة، بتعديلات دستور ٢٠١٢، دون الانجراف لفكرة أن هذا دستور جديد وعظيم إلى آخر ذلك من أوصاف إنشائية، حقا لا لزوم لها، وهو بذلك يتماشى بدقة مع خارطة الطريق، التى أشارت إلى تعديلات بعض مواد الدستور، وهو ما قامت به لجنة الخمسين، ليضع بذلك حدا للجدل الدائر حول مسمى الوثيقة الدستورية الجديدة، فحتى لو كان عدد المواد التى تم تعديلها كبيرا، يبقى المشروع برمته تعديلا لدستور تم إعداده من قبل.

فى هذا السياق، ومن دون أى مبالغات، تبدو الصورة واضحة، أن هناك تعديلات على دستور لم يكن عظيما من الأساس، وبالتالى فما تم من نعديلات، لا يجعله الدستور الأعظم بأى حال من الأحوال، بل تمت تعديلات على مواد كانت مرفوضة من غالبية القوى السياسية، واعترف واضعو الدستور أنفسهم بذلك، لذا نحن أمام دستور جيد فى أحسن الأحوال، وهذا ما يجب أن نتوجه به للمواطنين قبل أن يتوجهوا لصناديق الإستفتاء، لأن من عدم الكياسة الاستمرار فى لعبة الأعظم والأفضل والأحسن، فالمواطنون ملوا من هذه الألاعيب، وهم فى النهاية يحترمون خارطة الطريق ليس من أجلها ولا باعتبارها آمالهم وآحلامهم، وإنما باعتبارها خارطة طريق تذهب بهم للمستقبل الذى يبحثون عنه، وعليهم أن يفهموا الوثيقة الدستورية الجديدة (تعديلات دستور ٢٠١٢) فى هذا الإطار.. لا أكثر ولا أقل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *