مجموعة سعودي القانونية

عمرو خفاجى يكتب | تغيير يليق بتغيَر شعب

عمرو-خفاجى

أهم ما أفرزته ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، أن الشعب تغير ولم يعد نفس ذلك الشعب الذى كان متساهلا من قبل، على الأقل هذا ما تيقنا منه حتى الآن، وتحديدا، كما يقول أستاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد يوسف، أن ذلك هو الضمانة الأساسية للحفاظ على المسار الديمقراطى، وحتى لمواجهة أى أفكار تنوى عسكرة الدولة، وأن هذه القوى الشعبية لن تتنازل عن حريتها، حتى لو تعطل ذلك لبعض الوقت، وأن الديمقراطية آتية لا ريب فى ذلك، وهو سياق يبدو منطقيا إلى حد كبير خاصة وأن مطالب الثورة لم يتحقق منها أى شىء حتى الآن، والحاضر لا ينبئ عن إمكانية تحقق أى منها، وبذلك نكون قد أمسكنا فى أيدينا فقط، ما نستطيع أن نطلق عليه أن التغيير صار هو الضرورة، رغم أننا لم نلحظه أو نقابله، وإن أصبح التغيير هو العنوان الرئيسى لما نعيشه طوال الأعوام الثلاثة الماضية.

إن التغير الحاصل فى مصر لم يقدم الأفضل، أو على الأقل هذا ما يشعر به الغالبية، بل إن أطرافا عديدة، تشعر للأسف الشديد، أن الأمور أصبحت أسوأ مما كانت عليه، بدرجات متفاوتة، ففريق يرى ما قبل ٢٥ يناير كان أفضل من كل ما تلاه، وفريق آخر يرى أن ٣٠ يونيو صححت ما حدث بعد ٢٥!يناير، وبينهما من فرح بيناير ورفض ما فعله الإخوان ثم عاد وفرح بيونيو، وهناك أيضا من فرح بيناير لكنه غضب من يونيو وما بعدها، لتتشكل حالة مذهلة من الانقسام فى فهم التغيير وضروراته وآلياته، وعلى وجه الخصوص انقسمت الرؤى فيما يطلبونه من تغيير، فهناك غالبية (الحمدلله) تبحث عن تغيير لما كان سائدا قبل ٢٥ يناير، وآخرون يرغبون فى العودة لما بعد يناير وقبل يونيو، وقلة، كما أتصور، تطلب تغييرا هيكليا وجذريا لمصر أخرى حضارية ومتطورة وناهضة لا تعرف أوجاع الماضى السياسية والاقتصادية والثقافية، وهؤلاء لا يرون ذلك ممكنا فى هذه اللحظة.

فإذا كنا نعترف بعدم الاتفاق على التغيير الذى نرجوه، فيجب أولا، وقبل كل شىء أن نتفق على الهدف العام الذى يجب أن نعمل من أجله ونغير فى اتجاه، كما يجب أن نتعرف على تفاصيل هذا الهدف، ونطمئن أن سيمثل تغييرا حقيقيا للمواطنين الذين تغيروا فعلا، وقاموا بما عليهم، بينما لم تنجح الأنظمة المتعاقبة بعد يناير، فى إحداث أى تغيير يوازى تغيير المواطنين، وربما هنا تتعقد معادلة التغيير فى مصر، فالمسألة ليست فقط إمكانات هزيلة أمام رغبات جامحة، وإنما غياب الرؤية والهدف الجمعى، وأن ما يراه فريق شرا يراه الفريق الآخر خيرا، والعكس صحيح، وأعتقد أن هذا ما يجب أن نبذل الجهد من أجله، لأن التغيير لمجرد التغيير مصيبة كبرى نحن فى غنى عنها، كما أن القضاء على الفساد بداهة ولا يعتبر من أوجه التغيير ولا تستوجب النقاش أصلا، والانحياز للفقراء أمر مقرر بحكم الثورة ولا نعتبره من أشكال التغيير، أما أن يتغير الشعب فيجب أن نكون بصدد تغيير يليق بتغير شعب بكامله، تغيير يستوجب نهضة أمة وقفزة كبرى إلى مستقبل قادر على نسف كل فساد الماضى وخلافات الحاضر.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *