عمرو خفاجى يكتب | للسادة المرشحين
هناك فارق ضخم بين ما تطلبه الجماهير للخروج من واقعها السيئ، والذى بنبغى فعله حقا للخروج من هذا الواقع، وبين التصورين هناك حالة عليها اتفاق هى الواقع السيئ، الجماهير تبحث عن استجابة فورية لطلباتها ومتطلباتها والتى غالبا تتمحور عند الأجور والسيطرة على الأسعار وتوفر الخدمات وتوفير فرص العمل، والحلول الجيدة من وجهة نظر أصحاب هذه الطلبات تتجلى دوما فى زيادة الأجور وتناسبها مع أسعار السلع والخدمات الأساسية، بينما إعادة البناء لديها طريق آخر تماما، بعضه يتقاطع مع هذه الطلبات الفورية، وبعضه الآخر يتنافى معها تماما، وأعتقد أن تلك هى المعضلة الأساسية التى ستواجه جميع المرشحين الذين ينتوون خوض الانتخابات الرئاسية.فى حالة الانتخابات يبحث المرشحون غالبا عن طريق سالكة لأصوات الناخبين، وهذه الطريق تبدأ من تلبية رغبات وحاجات المواطنين وأحيانا تصل الأمور إلى جمع هذه الاحتياجات والرغبات وحصرها وتحويلها إلى برنامج انتخابى، بالرغم من أن المرشح يعلم جيدا أن هذا ليس هو الصواب ولا الطريق الصحيحة لإعادة البناء والخروج من المأزق الذى نعيشه، لكن ضرورات الحالة الانتخابية تفرض ذلك، ومن ثم يتورط المرشح فى وعود هى بالضرورة غير ممكنة ولا تنتج إصلاحا حقيقيا، ليجد نفسه، خاصة فى بداية حكمه، فى مستنقع من الالتزامات تزيد الطين بلة، لا بدء مرحلة إصلاح وإعادة بناء، لتتعمق الأزمة على يديه، لتستمر حالة العلاج بالمسكنات والحلول المؤقتة وازدياد الوضع سوءا.هنا نجد أنفسنا أمام أسئلة كثيرة وكبيرة، هل يستطيع أى مرشح مكاشفة الناس ومصارحتهم بالحقيقة، هل يستطيع أى مرشح أن يخرج ببرنامج تقشف واضح، أو يخبر جمهور ناخبيه بضرورة شد الأحزمة كما قال الوزير محلب منذ أيام، وهل أصلا جمهور الناخبين على استعداد لاختيار مرشح يعدهم بالحل بعد سنوات ويعلن أن الأيام القادمة صعبة بل شديدة الصعوبة، وهل الناخبون مستعدون لذلك، بعد أن أجهدوا وأرهقوا كثيرا خلال السنوات الثلاث الماضية؟.أعتقد أن اللحظة التى تعيشها مصر حاليا لا تسمح مطلقا بخداع أحد، ولا يمكن أن يكون لنا عهد جديد ابن لعهد سابق، وأيضا لا يمكن تصور رئيس جديد دون جوائز لمن يطلب أصواتهم، وهذه هى المهمة الصعبة التى تواجه المرشحين، ولا أعرف إذا ما كانوا يفكرون فى ذلك أم لا، كل ما أعرفه أن الرأى العام صار أكثر وعيا وفهما لأمور كثيرة كان لا يدركها قبل ٢٥ يناير ٢٠١١، وأعرف أيضا أن هذا الرأى العام صار راشدا يمكن التفاهم معه وإطلاعه على الحقائق بل ومشاركته فى مواجهة الأزمة، وأعرف أيضا أن الرأى العام سيسجل أى وعود أو عهود يقطعها أى مرشح على نفسه وسيحاسب هذا المرشح فى حالة فوزه، والحساب قد يتطور إلى عقاب، ولنا فى درس الرئيس السابق محمد مرسى درسا بليغا، فحينما قدم وعود المائة يوم اعتقد أن الشعب غافل عن الحساب، ففى الوقت الذى تغافل فيه ساسة عن وعود فيرمونت، لم يغفل الشعب عن وعود المرور والخبز والبوتوجاز، لذا يجب أن تكون الصراحة والدقة هما عنوان برامج الانتخابات المقبلة، وعود يمكن تحقيقها، وعهود يجوز الالتزام بها، أما الذين سيعملون بالمناهج القديمة وان ما يقال قبل التصويت هو كلام انتخابات، فعليهم من الآن الاستعداد لتلقى عقاب الجماهير التى هى ليست أبدا الجماهير التى كانت قبل الثورة.. فإذا كانت لدينا حقيقة واحدة من يناير ٢٠١١ فهذه الحقيقة تقول إن الشعب استيقظ ولن يخلد للنوم من جديد.