مجموعة سعودي القانونية

عمرو خفاجى يكتب | وجع الأرقام التى لا تكذب

عمرو-خفاجى

قال هانى قدرى وزير المالية إن عجز الموازنة المتوقع فى العام المالى الجديد سيبلغ ٣٥٠ مليار جنيه، وأفادت مصادر حكومية بأن الدين الخارجى تجاوز ٤٧ مليار دولار، وكشف خبير اقتصادى شهير عن أن الدين الداخلى تعاظم وربما وصل إلى التريليون ونصف التريليون جنيه، بينما قال الدكتور سمير رضوان وزير المالية الأسبق إن مصر تحتاج إلى نمو سنوى قدره ٧،٣٪ حتى تستطيع أن تواجه أزمة التشغيل (التشغيل الوصف العلمى الدقيق لما نطلق عليه بطالة)، بينما كان الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط، قبلها بأيام، يحدثنا عن حساباته لهذا النمو مؤكدا أنه لن يتخطى ٢،٣٪، هذا إلى جانب عشرات الأرقام الأخرى البائسة والصادمة التى تكشف لنا حجم الأزمة الاقتصادية التى تعيشها مصر، وعن المأزق الصعب الذى سيواجه أى حكومة قادمة مع أى رئيس، وغالبا كنا تعودنا منذ الصغر على الالتزام بعبارة أن الأرقام لا تكذب، وها نحن نضيف إليها، أنها «تكئب» أيضا، وتظلم الدنيا من حوالينا.

هذه الأرقام الموجعة حقا، هى الأخبار السيئة التى تداهمنا خلال الأيام الأخيرة، لكنها فى ذات الوقت أخبار سعيدة من زاوية رؤية أخرى، فمن الواضح أن بعض المسئولين قرروا إطلاع الرأى العام على الحقائق بدقة متناهية، وبتحرر من أى قيود تفرضها عليهم الجهات العليا، وأيضا دون أن تبتز المواطنين بهذه الأرقام، فهذه هى الحال وهذا ما وصلنا إليه ووصل له اقتصادنا، تضخم فى عجز الموازنة وازدياد فى الدين الخارجى وتوحش الدين الداخلى، ومؤشرات نمو لا تقوى على مواجهة أو علاج كل ذلك، وفى هذا الإطار أيضا، يأتينا خبر سعيد آخر من ذات الحكومة، حيث قال لى هانى قدرى وزير المالية، إنه لا يمكن تجاهل الفقراء فى أى إجراء اقتصادى، وأن ذلك لم يعد مسموحا به، وأنه يجب ربط جميع السياسات الاقتصادية بالسياسات الاجتماعية، مع نسيان جميع السياسات البغيضة التى كانت متبعة قبل ٢٥ يناير، وأنه رغم كل ذلك، فإن اللحظة قد حانت للتحول من اقتصاد الفقر لاقتصاد الرفاهة، وأن هذا ما تستحقه مصر، والأهم أنه ممكن، وفقا لتصورات السيد وزير المالية.

ما قاله وزير المالية، سمعته من أربعة خبراء اقتصاديين، فبعد أن أجمعوا على أن الوضع الاقتصادى بالغ الدقة لدرجة تقترب من الخطورة، لكنهم أكدوا أنه ليس منهارا، أو آخذا فى الانهيار، ثم ظلوا يعددون جوانب المخاطر المحتملة فى الوضع الاقتصادى، ومكامن أوجاعه، إلا أنهم فى نهاية الأمر أجمعوا أيضا، أنه رغم كل تلك العقبات والعتبات الخطرة، إلا أن الاقتصاد المصرى جاهز ومستعد للصحوة والانطلاق، بشرط أن تتضح الرؤية عند صانع القرار، وبعد وجود الرؤية وحضورها، ستمضى الأمور بسلاسة لن يتخيلها أحد، فالمشكلة ليست فى وجع الأرقام وبؤسها، كما نعتقد، إنما المصيبة فى غياب الرؤية التى تصر على الغياب عن جميع مصانع القرار فى بلادنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *