مجموعة سعودي القانونية

عمر طاهر يكتب | الفساد وأرواح الناس يا رئيس الحكومة

عمر طاهر

«1»

منذ يومين انتشر فيديو عن مواطن قدَّم نفسه لوزير النقل بصفته مهندسا على هامش افتتاح الوزير تطوير شارع مصطفى النحاس، حاول المواطن قدر الإمكان أن يشرح للمحافظ العيوب الخطيرة الموجودة فى المشروع، إلا أن المحافظ أشاح للمواطن بيده بما يعنى «شكرا.. روَّح بِيتكم»، ثم أشار إلى قوة الشرطة المرافقة له، فحالت بين المواطن والمحافظ حتى انصرف الأخير مبتعدا عن المشهد بسلام.

الطريقة المستفزة التى تعامل بها المسؤول مع المواطن كانت جديرة بالكتابة، إلا أن رسالة وصلتنى من أحد سكان شارع مصطفى النحاس كشفت عما هو أخطر من قلة لياقة مسؤول حكومى.

«2»

عزيزى.. اعلم أنك قد يئست مثلى من فشل هذه الدولة المميت تدريجيا لنا جميعا، لكن كأن الله خلق أمثالنا من الحالمين بوطن أفضل حتى يتبقى أمل ولو ضئيل فى تحسن الصورة من الأسود إلى الرمادى.

منذ عدة شهور انتقلت وزوجتى وصغيرتى إلى شقة جديدة فى مدينة نصر قريبة من شارع مصطفى النحاس، ذلك الشارع الممتد لما يقارب 5 كيلومترات، وتستطيع عبوره فى 5 ساعات على أفضل تقدير، لكن وبشىء من الحظ كانت بداية تطوير الشارع قد بدأت.. يا لها من سعادة أن ترى شيئا يسير إلى الأفضل حتى تستطيع السيارات السير فى هذا الشارع. يومها كان قد بدأ ردم الترام القديم، وأتذكَّر كمية الانتقادات الواسعة لردم الحديد الكثير، وفعلا الانتقادات أتت بنتيجة جيدة، وتم ما طالبنا به وهو استخدام هذا الحديد عن طريق نزعه وإعادة استخدامه.. هل تتذكَّر؟

أعرف أننى أطلت عليك.. أتذكَّر وقتها حديثى مع زوجتى ومع انتشار خبر أنه سيتم عمل حارات للنقل العام فى الوسط لتخفيف الزحام.. قلت لها مازحا وقتها: «ده لو عيِّل فى إعدادى هندسة، وقالوا له الفكرة دى هيموت من الضحك على غبائها.. أكيد مش هيعملوا كده».

ولك أن تتخيَّل.. همَّا فعلا عملوا كده! أوتوبيسات النقل العام فى الأسبوع الماضى فقط دهست اثنين، وكادت زوجتى وصغيرتى أن يتم دهسهما لعبورهما الشارع لركوب المينى باص.

لك أن تتخيَّل اثنين فى أسبوع واحد فى الحى الثامن فقط! لم تأتِ المدارس بعدُ بالأطفال الذين سيعبرون طريق الموت الجديد، كما يسمّيه أهالى الحى الثامن بمدينة نصر.

لك أيضا أنت تتخيَّل عندما نقرأ تصريحا لأحد بهيئة النقل العام أن التجديدات مطابقة للمعايير العالمية، أى معايير عالمية تضع الأوتوبيسات فى المنتصف، وعلى السيدات والأطفال العبور ما بين السيارات المسرعة للركوب.

ناهيك بالمشكلات المتعلقة بغلق جميع «اليوتيرنات» الموجودة إلا القليل، الذى يجعل التكدس مذهلا بجميع الأحوال.

ناهيك بالسرعة الجنونية التى يسير بها سائقو الأوتوبيسات والمينى باص.

ناهيك أيضا بالأخطاء الجمّة فى الأسفلت، الذى لم أرَ مثله فى الجودة العكسية لجميع الحارات والأرصفة التى تصل إلى ارتفاع شاهق، يحتاج من الجميع إلى التدرب يوميا على صعوده بما يتجاوز نصف المتر، وأكثر هناك الكثير والكثير، لكن الأكثر أن هذه التحسينات المفترضة، التى تكلَّفت 78 مليون جنيه تحتاج إلى 78 مليون جنيها أخرى لحلها.

لأول مرة وأنا أصلِّى صلاة جنازة على أحد الطلبة الوافدين، الذى مات وحيدا فى بلد الإهمال بسبب عبوره شارع مصطفى النحاس يوم الخميس الماضى، أحس بمدى القهر فى هذه الدولة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر:الدستورالاصلى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *