مجموعة سعودي القانونية

شريف عبد المجيد
خدمات ما بعد البيع ومقطع جديد لأسطورة قديمة: مجموعتين قصصيتين في كتاب واحد

“حين استيقظ، كان الديناصور مايزال هناك”.. تعرفوا أن دي أشهر قصة قصيرة جدًا في العالم كتبها أوغوستو مونتيروسو “غواتيمالا”، ومش كثير من الكتاب بـ يكتبوا قصة قصيرة جدًا لأنها صعبة، ومحتاجة تركيز وجهد، وذكاء وموهبة مميزة، وكل ما قل عدد الكلمات كل ما المعنى – المفروض- أنه بـ يزيد وبـ يبقى أعمق، لذلك لما كاتب يكتب على كتاب له قصص قصيرة جدًا، فده معناه أنه بـ يحط نفسه في اختبار صعب شويتين، وبـ يخوض رهان، إما يكسبه وإما ما يكسبوش.

طيب إيه الفرق بين القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا؟ سؤال مهم هـ تعرف إجابته لما تمسك كتاب شريف عبد المجيد الجديد الصادر عن دار النفيسة للنشر، واللي بـ يقدم لك كتابين في كتاب واحد، الأول عبارة عن مجموعة قصصية عادية اسمها “خدمات ما بعد البيع”، والمجموعة دي فازت قبل كده بالمركز الأول في مسابقة جائزة ساويرس، والكتاب الثاني مجموعة قصص قصيرة جدًا بعنوان “مقطع جديد لأسطورة قديمة” تقدر من خلالها تتعرف فعلاً على القصة القصيرة جدًا اللي مش بـ تتعدى صفحة وأحيانًا نص وربع صفحة.

رغم أن مجموعة “مقطع جديد لأسطورة قديمة” أجدد، من “خدمات ما بعد البيع” إلا أن الناشر فضل أنها تكون الأولى في المجموعة دي باعتبارها حازت قبل كده على جائزة مهمة زي جائزة ساويرس، وفي المجموعة الأولى دي بـ يناقش الكاتب مسألة مهمة جدًا هي العولمة، إزاي بقينا غرباء وإحنا وسط أهلنا وفي قلب بلدنا، وإزاي العولمة خلتنا في الحالة اللي إحنا فيها دلوقتي مش عارفين أولنا من آخرنا.

أما المجموعة الثانية واللي هي عبارة عن مجموعة قصص قصيرة جدًا، ففيها هـ تحس بجو مختلف، وعالم ثاني، مشاعر مركزة، و100 فكرة تخطر في بالك من أول سطر لحد ما توصل لآخر سطر وتفهم المعنى اللي الكاتب يقصده، بعض القصص القصيرة جدًا دي مش مفهومة قوي، تخليك تقرأها مرة واثنين من غير ما توصل لحاجة، زي قصة قصيرة جدًا بـ يقول فيها:

يا حكومة.. يا حكومة.. المياه متلجة حرام عليكم

معلش يا بابا.. لازم تستحمى

الصابون دخل في عيني

يا حكومة يا حكومة

دخل رجليك في “الطشت” يا بابا.. خلاص ما فاضلش غير رجليك

آي.. آه.. آي.. يا خسارة.. عاوز أموت.. أموت..

هاتوا له المنوم بسرعة.. دي حاجة فقر!

يا حكومة.. يا حكومة

لكن لما قرأناها أكثر من مرة فهمنا هي عاوزة تقول إيه، في القصة القصيرة جدًا دي، بـ يتكلم الكاتب عن أب عنده مرض عقلي ما، بـ يخليه يصرخ ويقول يا حكومة يا حكومة، ويكمل كلامه عادي، ويبدو أن أولاده كانوا بـ يحاولوا يحموه في الطشت، وبعد ما بـ يخلصوا، بـ يعطوا له منوم علشان ينام لأنه مضايقهم زي ما هو باين، وبـ ينام الأب وهو بـ يقول يا حكومة يا حكومة، في إشارة أن الحكومة هي اللي جننته.

هو ده بالظبط اللي المجموعة بـ تطلبه منك، شوية تفكير، ده بـ يناسب بعض الناس، لكن فيه ناس ثانية ما عندهاش رغبة تفكر، وعاوزة حاجة مباشرة تقرأها تستفيد منها أو تستمتع بها من غير ما تشغل دماغك وترهقها في التفكير.

فيه معاني، وأفكار  متكررة في المجموعة، زي فكرة الأب أو الأم التعبانين أو اللي بـ يموتوا، فكرة الفروق بين الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة واختفاء الطبقة الوسطى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *