ليس الشعر هو ما أرغب في كتابته طوال حياتي ما الممتع في تتبُّع أحزان الآخرين
أو تضخيم مأساتي الشخصية
أو في حبي للهزائم التي تسمح لي بالبكاء كلما تيسر ذلك الوقت يمضي من حولي وأنا أمعن في الانتظار
أنظر إلى أحذيتي التي لم تتغير مقاساتها من سنوات
وحقائبي التي تبلى داخل الدواليب المغلقة دون أن تلمح الشمس أو تنغمس في أتربة الشوارع ودون أن تصاب بزكام الشتاء دون أن أشاهد العاهرات والسكارى في البارات الليليلة
لأكتب رواية طويلة متخمة بالعبارات الجنسية والمشاهد الأيروتيكية ليمارس القراء عاداتهم السرية أثناء القراءة
ويقذفوا روايتي في القمامة
بعد أن تزدهر مبيعاتها
وتتضخم جيوبي من المكاسب
أذهب للتسوق
والمزيد والمزيد من التسوق
أشتري أحذية وشنطاً تبلى هي الأخرى في الدواليب
عندما أعود من جديد لكتابة الشعر
….
العاهرة في البار تهمس لي أن لا أجعلها مبتذلة وأن أجعل الجوانتي الدانتيل في كفوفها غير مثقوب بثقوب الزمن وأوزع كريم الأساس حتى يتيه الفارق بين وجهها ورقبتها دون خط فاصل
وأجعل المانيكير في أظافرها لامعاً
لا رخيصاً ولا متقشراً
……
الرواية تحبسني بداخلها
العاهرة تبكي كل ليلة
بشكل يمنعني من استكمال الكتابة
صوت نشيجها مرتفع
لا تعرف أني لم أعد أبالي
وفي الصفحة القادمة
سأثقب الجوانتي الخاص بها
وأقشر طلاء أظافرها وأشقق كعبيها
وأوفّر في كريم الأساس الرخيص
ليظهر بوضوح فارق اللون بين وجهها المطلي وجلد رقبتها المزرقّ.
….
خارج أبواب روايتي
الشمس ساطعة في الجهة الاخرى من العالم وغرفة نومي تطل على قطار
يفتح أبوابه في مواعيد نومي
أحاول الهرب من كوابيسي سريعاً
لألحق بالقطار.