تُعد مسرحية (صاموئيل بيكيت) الكاتب الأيرلندي المنشأ (فى انتظار جودو) هي من أروع المسرحيات العبثية فى القرن العشرين، كتبها صاموئيل بيكيت وترجمها بنفسه من الفرنسية إلى الإنجليزية ، ولكي تتخيل كلمة عبثي فهذه المسرحية ليس بها توافق فى الزمن، المكان أو الغاية من كتابتها، لايوجد حبكة، ولا حتى توافق بين جمل أبطالها بعضهم البعض، مجرد خمس أشخاص فى مكان واحد لا تستطيع معرفة نوع العلاقة بعضهم ببعض ولكن تستخلص دائمًا من كلماتهم وعباراتهم المأثورة ما تستخلص منها، حتى جودو المنتظر الذي تكتب بالإنجليزية (godet) , جودو هذا هو الرب، الصبر، الزمن، المكان، أو اللحظة المناسبة، أو هو لاشيء على الإطلاق فتصبح منتظرًا فقط للمزيد من العبث، أو أن حياة أفراد وشخوص المسرحية هي محض عبث .
تتكون المسرحية من ٦ أشخاص :
فلاديمير: الصديق الذي يحمل فى رأسه مقومات التفكير أو الفيلسوف للدقة (كيف حدث أن واحدا فحسب من بين الإنجيليين يتحدث عن لص تم انقاذه .(توقف)فالأربعة كانوا هناك – أو بالقرب من ذلك – ولا يتحدث إلا واحد عن لص تم إنقاذه)
استراجون :المتحمس إلى آراء صديقه (فلاديمير)دائماً ،الفطري المندفع (أَجِد ذلك مثيراً للاهتمام على نحو غريب)
بوزو : الرأسمالي الجشع، الرجل القوي،الجشع، النهم والكثير الاستهلاك، الذي يستطيع التلاعب بالكلمات لتحقيق مآربه كأي رأسمالي (الغليون الثاني ليس لطيفا جدا (يسحب الغليون من فمه ويتامله )أقصد مثل الأول (يضع الغليون مرة أخرى فى فمه (ولكنه لذيذ تماماً كالأول)
لاكي :خادم بوزو ،رمز العبودية الذي لا يستطيع التفكير سوى بالأمر على الرغم من حصافة فكره واستغلال بوزو له ولأفكاره،بل يربطه بوزو بالطوق مثل الكلاب ليحمل له أغراضه ويقوم بضربه بالسوط إذا ما تكاسل أو لجعله يرقص !(بالنظر إلى الأعمال العامة لبونشر وواتمان فيما يتعلق بإله خاص كواكواكوا له ذقن بيضاءخارج حدود الزمن الذي من أعالي اللامبالاة الإلهية …. الخ)
جودو : المنتظر من (فلاديمير) و (استراجون) الذي لا يأتي ولكن يبعث الرسل على هيئة أطفال ليخبرهم أنه سيأتي فى اليوم التالي، على الرغم من هذا لا يأتي إلى نهاية المسرحية .
لعل أجمل مافي المسرح العبثي هو ترجمة كل شخص أو كل مشهد كما تتخيله، لاكي، هو الشخص المفضل لي، فلاكي يمثل إلى كل إنسان أنساق وراء جشع رجال الأعمال والرأسمالين على مر العصور، لم يؤمن بفكره وإنسانيته، ومن أجل بعض عظام الدجاج كما يقوم بإطعامه بوزو فى المسرحية ، استخدم كالعبيد ، ليحمل الأحمال ، ويفكر ، ويرقص بالسوط ، وإذا ما أراد النوم جلبًا للراحة فى جسده ، يستيقظ على ضرب النعال والسوط ، يرهقه مالكه (بوزو) بشتى الأعمال حتى لا يملك القوة ليثور أو الفكر ليواجه .
ولعل من أحسن المشاهد التي جاءت فى ختام المسرحية، أنه على الرغم من فقدان بوزو لنظره، لم يستطيع لاكي الفكاك من ما هو فيه، فلا زال صوت السياط فى أذنه، أو هو الاعتياد على العبودية (بوزو : سنمضي (لاكي ،محملا بالاثقال ،يأخذ مكانه أمام بوزو ) السوط ! (يضع لاكي كل شئ على الأرض يبحث عن السوط ويضعه فى يد بوزو )
تميزت مسرحية صاموئيل بيكت بالغرائبيةжужжит والعبثية ولكن تلك المسرحية على الرغم من عبثيتها تحمل الكثير من الدلالات ربما تختلف من شخص إلى شخص بل من ناقد إلى ناقد ايضا حتى أن هذا الإختلاف قد طال تعريفها ذاته بين ان كانت تلك المسرحية هي (تراجيديا) أو (كوميديا مأساوية) ولم يحسم هذا الخلاف بين نقاد المسرح حتى الآن.
ولعل من أجمل العبارات التي ساقها بيكيت فى مسرحيته ، حتى أنه كتبها بلون اسود داكن لتبرز ، تلك العبارة الَتِي ساقها على حديث فلاديمير المفكر (كل منا يحمل صليبه الخاص فى هذا العالم)
كل منا يحمل آلامه الشخصية ومآسيه ومشكلاته، فليس الحل هو الفرار،وإذا ما أجبرت على الانتظار، فانتظر، وحاول أن تفعل شيئًا مسليًا أو مفيداً،ودائما أحمل صليبك على ظهرك إلى المنتهى.