في غير حالات التلبس 3 | أسئلة الى العقلاء والدراويش يمتنعون
في خلافي القانوني في الرأي حول عبارة في غير حالات التلبس التي وردت في نص الفقرة الأخيرة من المادة 198 من مشروع تعديل الدستور الذي أقرته لجنة الخمسين ، والتي وضعت ثم حذفت اتقاء لغضبة المحامين ، ثم أعيدت مرة أخرى اتقاء لغضبة رئيس وأعضاء مجلس ادارة نادي القضاة ، جاءت ردود بعض المتحمسين والمخدوعين من الزملاء المحامين جميعا في خارج سياق الموضوع لتجيب عن أسئلة لم أطرحها وتقتبس من رجال القانون الثقات دراسات قانونية قديمة لا محل لها من الإعراب بل أن أصحاب هذه الدراسات رفضوا في وضوح النص الدستوري المسموم ( أنا بالطبع هنا لا أوجه حديثي الى أو عن مهللي المصالح والمنافع الذين حيثما تكون مكاسبهم الشخصية يولون وجوههم ويرمون المختلفين معهم بالباطل والأوهام والأكاذيب ، ولا أوجه حديثي أيضا الى الدراويش رواد مولد سيدي عاشور الذين يتحفوننا في كل يوم وساعة بفنون تقبيل المكاتب ومسح الاعتاب وهم في ذلك لا يختلفون عن دراويش السمع والطاعة في جماعة الاخوان المسلمين ) .
فمهما كان عسل التعديلات الدستورية في شأن المحاماة ، فنحن لم نتطرق الى العسل ولم ننكر أبدا عليكم أنكم ترونه عسلا ، ولكننا نتحدث عن نقطة واحدة من السم واضحة ظاهرة شاخصة دست في العسل وأفسدته ومنعت الاقتراب منه فالموضوع محل النقاش يتحدد في مسألة واحدة محددة ، وهي الأثر القانوني المترتب على نص الفقرة الأخيرة من النص بما قررته من أنه :
” ويحظر في غير حالات التلبس القبض على المحامى أو احتجازه أثناء مباشرته حق الدفاع، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون “. ”
وهو ما يترتب عليه جواز القبض على المحامي اذا ما ادعت سلطة من السلطتين التنفيذية أو القضائية اللتين يتعامل معهما ليل نهار وجود تلبس بجريمة من قبيل التعدي على موظف عام أثناء وظيفته أو هيئة قضائية .
وحتى يتضح أثر الفقرة الأخيرة الكارثية من النص الدستوري أدعو العقلاء الى إجابتي عن ثلاث أسئلة واضحة ومحددة .
السؤال الأول : اذا صح ما يدعيه النقيب سامح عاشور من تفسير سقيم للنص الملتبس بأن الفقرة السابقة على الفقرة الأخيرة والتي تنص على أن
” ويتمتع المحامون بمن في ذلك محامو الهيئات وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، فضلا عما قرره القانون لهم من ضمانات أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم مع سريان ذلك أمام جهات التحقيق والاستدلال، بكافة الضمانات والحماية القانونية ”
هي بمثابة حماية دستورية لكافة ضمانات المحامين التي وردت في كل زمان ومكان ومن بينها ضمانة عدم جواز القبض ، فما هي اذن القيمة القانونية لنص الفقرة الأخيرة التي وردت بها عبارة في غير حالات التلبس ، أليس من الأجدى والأنفع والأفضل اذا صح تفسير النقيب حذف هذه العبارة تماما ونهائيا من النص ؟
السؤال الثاني : لماذا ثارت ثورة رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند وغضب غضبة عظيمة حينما حذفت لجنة الخمسين عبارة ” في غير حالات التلبس ” ولم تهدأ له ثائرة الا بعدما عادت ، وهل ثمة تأثير لهذه العبارة على القضاة ايجابا وسلبا سوى على مسألة جرائم الجلسات والتحقيق أثناء وبسبب عمل المحامين ، وهل ببعيد عنا معركة قانون السلطة القضائية التي كان جوهرها ولب معركة نادي القضاة النص المتعلق بجواز القبض على المحامين في جرائم الجلسات حتى وان كانت أثناء وبسبب العمل فهل تمسكهم بوجود هذه العبارة ورفضهم لها ثم خمود ثورتهم حال عودتها للنص يعبر عن سذاجتهم المفرطة بعدم فهم التفسير الأعرج الذي ابتدعه عرابو النقيب ليخدع المحامين ويهدئ غضبتهم ضده .
السؤال الثالث : ( في صميم تفسير النصوص الدستورية والقانونية ) ، هل الفقرة الثانية العامة من النص في شأن مد الحماية الدستورية الى الضمانات التي وردت في القانون هي التي تقيد الفقرة الأخيرة الخاصة الواردة خصوصا في شأن مسألة القبض على المحامي والاستثناء عليه ، أم أن الفقرة الأخيرة الخاصة هي التي تقيد الفقرة العامة السابقة عليها ، وبايجاز هل العام هو الذي يقيد الخاص أم الخاص هو الذي يقيد العام ؟
السؤال الرابع : ما هو معنى عدم جواز القبض على المحامي في غير حالات التلبس ، فكل مواطن لا يجوز القبض عليه في غير حالات التلبس ، ونحن نفهم مثل هذا النص حينما يكون مقرونا بتقييد القبض بإذن أوم طلب من جهة معينة ، فعضو الهيئة القضائية لا يجوز القبض عليه في غير حالات التلبس الا بإذن من الهيئة التي يتبعها ، وعضو البرلمان لا يجوز القبض عليه في غير حالات التلبس إلا بإذن من البرلمان ، أما أن تطلق العبارة هكذا بلا ضابط ولا رابط فما الجديد سوى الحماية المقررة لآحاد الناس .
السؤال الخامس : هل غالب ما قد ينسب الى المحامي من جرائم أثناء وبسبب العمل إلا جرائم مدعى عليه التلبس بها كجرائم الجلسات والتحقيق والتعدي على موظف عام واهانته ، وهل يحتاج المحامي الى ضمانة أو حماية في غيرها ؟
هذه أسئلة أقدمها للعقلاء حتى يتأملوا فيها ويسألونها لمن يخدعونهم أو يلبسون عليهم كثير من الباطل بقليل من الحق محاولين أن يقنعوهم بملعقة من العسل دست فيها نقطة من السم
هذه أسئلة أقدمها للعقلاء أما الدراويش فيمتنعون .