محمد فتحى يكتب|عدالة انتقالية.. ههههه.. انتقالية!!
تخيلوا..
لدينا وزارة اسمها وزارة العدالة الانتقالية.. آه والله (زمبقولك كده)!!
أنا شخصياً لا أعرف مكانها، لكن أعرف أنها موجودة لإقرار عدالة انتقالية، لم نسمع عنها أى شىء من أى نوع، ووظيفتها….
ثوانى لو سمحت..
الرجل «الكوبارة» سعادة المستشار «المحترم» الذى يتولى مسئولية الوزارة.. هل يعرف أصلاً وظيفتها؟!
هل أخبروه بما هو مطلوب منه حين تولى الوزارة، أم أنه يعرف أنه سيظل موجوداً كواجهة فى وزارة ديكورية لا أعرف كيف يستحل كل من يعمل بها أن يقبض أول الشهر مرتبه على وظيفة لا يمارسها، ولا نعلم عنها شيئاً من الأساس؟
هل «يجرؤ» وزير العدالة الانتقالية، الذى لا نعرف كيف يقضى يومه بين جدران وزارة لا نعرف مقرها، يعمل فيها ناس لا نعرفهم فى وظيفة تعود عليهم بدخل شهرى ولا تعود على الوطن بأى شىء، أن يدعو إلى، مثلاً مثلاً مثلاً يعنى، أستغفر الله العظيم أستغفر الله العظيم، حوار وطنى شامل فى وطن أتقن رسم المشاكل يحكمه أناس لا يقدمون حلولاً؟
هل رأينا، بعد ما يقرب من أربعة أشهر من تشكيل الحكومة، أى شىء يفيد أن وزارة العدالة الانتقالية موجودة أصلاً؟ وهل لديها خطة ورؤية للحل؟ ولماذا لا تطرحها للناس، ولو على سبيل ذر الرماد فى العيون، أم أنها تخاف مزاجاً عاماً لا يريد أى عدالة انتقالية نثق تماماً فى أنها ستتحول مع التصرفات الحالية إلى عدالة «انتقائية»، ثم ما تلبث أن تتطور لتصبح عدالة «انتقامية»؟!
إذا أردت أن تتأكد، فاعرف أولاً عناصر الانتقالية، وأخبرنى بمنتهى الصراحة: هل نحن فى وطن قادر على تطبيقها أم لا؟
تعتمد العدالة الانتقالية، بحسب أغلب التعريفات المعتمدة لدى العالم أجمع، على:
– الملاحقات القضائية، لا سيّما تلك التى تطال المرتكبين الذين يُعتَبَرون أكثر من يتحمّل المسئولية، وحين نتحدث عن ملاحقات قضائية هنا فإننا نتحدث عن عدالة ناجزة، وعن أجهزة أمنية تقدم الأدلة المتوافرة ولا تطمسها أو تمنع العدالة من الاطلاع عليها فى مسلسل من الطرمخة شاهدنا العديد من حلقاته.
– جبر الضرر، الذى تعترف الحكومات عبره بالأضرار المتكبَّدة وتتّخذ خطوات لمعالجتها. وغالباً ما تتضمّن هذه المبادرات عناصر مادية (كالمدفوعات النقدية أو الخدمات الصحيّة على سبيل المثال) فضلاً عن نواحٍ رمزية (كالاعتذار العلنى أو إحياء يوم الذكرى).
وبهذه المناسبة الجليلة، دعنى أذكرك: هل تعرف أى شىء محترم عن صندوق رعاية شهداء ومصابى الثورة؟
عموماً عندنا مثل يقول: جبر الخواطر على الله.
– إصلاح المؤسسات، ويشمل مؤسسات الدولة القمعية على غرار القوى المسلّحة والشرطة والمحاكم، بغية تفكيك -بالوسائل المناسبة- آلية الانتهاكات البنيوية وتفادى تكرار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والإفلات من العقاب.
طبعاً هذا البند حين تقوله سيظن الناس أنه طعن فى القوات المسلحة أو الشرطة، لكن هكذا التعريف، ولتبقَ القوات المسلحة -كمؤسسة وطنية- خطاً أحمر، كآخر عمود فى البيت، وآخر قوة منظمة لو انهارت سينهار العالم العربى بأكمله وليس مصر فقط، و«هنروح» فى داهية جميعاً، ولن تقبلنا أى داهية، لكن كلمنى عن «محاسبة» المخطئ، وكلمنى عن الشرطة التى لا بد فعلاً من إصلاحها، وإذا كان هذا الجزء فى تفصيلاته مزعجاً بالنسبة لك، فقدم الحالة المصرية منه وفق العدالة الحقيقية، والقانون الذى يطبق على الجميع.. صعبة دى؟
– لجان الحقيقة، أو وسائل أخرى للتحقيق فى أنماط الانتهاكات المنتظمة والتبليغ عنها، وللتوصية بإجراء تعديلات وللمساعدة على فهم الأسباب الكامنة وراء الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.
هذه هى العدالة الانتقالية كما اتفق عليها فى العالم أجمع، وإذا أردت أن تطبقها فلتطبقها على الجميع، وليرضخ لها الكل.
والآن.. أيها المجتمعون فى هذا الصوان.. فى هذا العصر والأوان.. دعونا نسأل القبطان.. وكمان القرصان:
هل «يجرؤ» أى شخص فى هذا الوطن فى الوضع الحالى أن يطبق «العدالة الانتقالية» أم نفضّها سيرة ونلغى الوزارة و«كل واحد يحط لسانه جوّه بقه»؟
أنا بقول برضه نفضها سيرة، ونستفيد من ميزانية وزارة العدالة الانتقالية فى معونة الشتاء القادم.