محمد فتحى يكتب | إسعاد الناس فى دبىّ
(1) «من يومين حصلت حادثة على طريق الشيخ زايد واتصاب فيها عامل طريق. البوليس وقف الطريق خمس دقائق بس. جت طيارة هليكوبتر خدته»
«طائرة هليكوبتر تهبط فى وسط أكبر طريق فى دبى لنجدة عامل طريق. تلك هى دبى!».
تغريدتان من الصديق معتز أبوعيطة يمكن اعتبارهما تمهيداً لما ستقرأ.
تحذير: السطور القادمة تحمل تفاؤلاً وسعادة فلا تجعل هذا يحبطك!!
(2) على سبيل التمهيد:
ثلاث مدن فى عالمنا العربى لا يمكن أن تقول لها لا..
المدينة المنورة.. مدينة سيدنا النبى عليه الصلاة والسلام، حيث جواره، ومسجده، وروضته الشريفة التى هى روضة من رياض الجنة، وحيث تخطو على خطاه، فها هنا كان موطئاً لقدميه الشريفتين، ومن هنا مر، ومن هنا عبر إلى العالم رحمة للعالمين، وها هنا أتمنى أن أعيش.. وأموت. عسى أن أدفن فى جواره الشريف وصحابته الكرام البررة.
وبيروت.. ست الدنيا.. المدينة التى تحب الحياة، وتحبها الحياة، مهما كانت روائح الموت منتشرة، ومهما كان المشهد منقسماً، ففى النهاية، هم يعيشون معاً، وساحة الشهداء تشهد للجميع.
ودبىّ.. مدينة السعادة. فخر الصناعة العربية. مدينة الأمل والعمل والسعادة. نموذج الإمارة التى سوّقت قدرتها على إسعاد الناس فى كل مكان. عمل مستمر فى كل مكان، ورغبة دائمة فى التجويد، واحترام يُحتذى به لآدمية المواطن وخدمته.
ستسألنى عن القاهرة، وأقول لك: هى روح كل المدن، وستجد فيها لمحة من كل مدينة على حسب نظرتك.
(3) قبل عام كنت فى دبى، ووجدت فى غرفتى كتاباً موقعاً باسمى من الشيخ محمد بن راشد بعنوان «ومضات فكر»، وكان يركز على مفهوم مهم فى إدارته لدبى.. مفهوم اسمه إسعاد الناس، وهى الوظيفة الأساسية للحكومة التى تحترم نفسها، وشعبها.
فى الطريق إلى دبى هذه المرة، قال لنا كابتن الطائرة على خطوط الإمارات: مرحباً بكم على متن هذه الرحلة.. طاقم الطائرة من 13 دولة، ويتحدثون 11 لغة، وهم جميعاً فى خدمتكم، وبعد قليل دعانا الكابتن للتبرع للمستشفى (العائم) الذى يشرفون على بنائه وتجهيزه لمعالجة القرى النائية والفقيرة فى بنجلاديش!! طبعاً تعرفون ماذا قلت؟
(4) هذا العام أكتب لكم من قلب القمة الحكومية الثانية، التى اتخذت محورها: الريادة فى الخدمات الحكومية. التنظيم مبهر كالعادة، والحضور كبير من كل دول العالم، والمحاور يبشرنا بأن 47% من وظائف العالم ستحل محلها الحواسب فى غضون عقدين من الزمان ويسأل: هل استعددنا لذلك؟؟
(5) هذا هو البروفيسور كلاوس شواب مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادى العالمى (دافوس) يقف أمامنا. يشيد بدبى باعتبارها من المدن الذكية والمحترمة ويشيد بروح الابتكار والخدمات الحكومية بها. أتذكر إشادتى بدبى العام الماضى وما نالنى بعدها من اتهام بالنفاق وأضحك. ينهرنى الجالس بجانبى برفق وهو يستمع لـ«كلاوس» الذى يؤكد أن المستقبل للحكومات الذكية التى تجعل الناس (تشارك) ولا تكتفى بالتفاعل، وضرب مثالاً عبقرياً بـ«جوجل» و«يوتيوب». قال «كلاوس» إن «جوجل» يجعل الناس يتفاعلون، ويقدم لهم ما يريدونه. أما «يوتيوب» فإن الناس تشارك فعلياً فى تحريره ونموه. هذه هى حكومات المستقبل التى بدأت فعلاً من الآن.
(6)
فى الجلسة التالية بدأ ريتشارد كويست مذيع «سى إن إن» بالإشادة بدبى، ثم عرض لتجارب ثلاث مدن من خلال عمدة برشلونة الذى أكد أنه بعد الاهتمام بالخدمات الصحية، وغيرها أصبحت أعمار الإسبان 86 سنة، ونائب عمدة لندن الذى أشار إلى إمكانية الحجز فى سيارة جماعية بالتليفون لتخفيف زحام السيارات، ونائب عمدة مدينة سيول الكورية الذى استفاد من اقتراح طفل على «تويتر» فأنشأ خدمة مواصلات عامة ليلية، وواصل الجميع الإشادة بدبى التى تتجه إلى هذه الخدمات بقوة.
(7)
ظللت أسمع، وها أنا أسمع، وأحاول أن أنقل، وأكتب، لكن تغريدات صديقنا المحامى محمود بلال عن تعرّض المعروضين على نيابة الأزبكية للتعذيب وتعنّت وكيل النيابة فى إثبات تعذيبهم جعلنى أنهى المقال. فهناك إسعاد الناس فن، وهنا التنكيد عليهم وتعذيبهم أبوالفنون كلها.